نادتك دنياك فلبيتها تلبية بعت بها الآخرة
آثرت دنياك على جنة تلك لعمري صفقة خاسرة
فافزع إلى التوبة مستأثرا فإنها مرتبة فاخرة
وروي أن هشام بن عبد الملك(1) لما قدم مكة حاجا قال: إيتوني برجل من الصحابة فقيل له: قد تفانوا. قال: فمن التابعين. فأتي بطاووس، فلما دخل عليه خلع نعليه بحاشية بساطه، ولم يسلم عليه بإمرة المؤمنين، وجلس بإزائه بغير إذنه وقال: كيف أنت يا هشام ؟ فغضب من ذلك غضبا شديدا، حتى هم بقتله، فقيل: يا أمير المؤمنين أنت في حرم الله وحرم رسوله لا يمكن ذلك، قال: يا طاووس ما حملك على ما صنعت ؟ قال: وما صنعت ؟ فاشتد غضبه وقال: خلعت نعليك بحاشية بساطي، ولم تقبل يدي، ولم تسلم على بإمرة المؤمنين، ولم تكنني، وجلست بإزائي، وقلت: كيف أنت يا هشام ؟ فقال: أما خلع النعلين فإني أخلعهما بين يدي ذي العزة كل يوم خمس مرات فلا يعاقبني ولا يغضب علي، وأما ما قلت: لم تقبل يدي. فإني سمعت عليا عليه السلام يقول: لا يحل لأحد أن يقبل يد أحد إلا امرأته من شهوة، أو ولد من رحمة. وأما ما قلت: لم تسلم على بإمرة المؤمنين، فليس كل الناس راضين بإمرتك، فخفت أن أكون كاذبا. وأما التكني فإن الله تعالى سمي أولياء ه، فقال: يا داود، يا عيسي، يا يحي، وكنى أعداء ه فقال: {تبت يدا أبي لهب} وأما قولك: جلست بإزائي. فإني سمعت عليا عليه السلام يقول: (إذا أردت أن تنظر إلى رجل من أهل النار فانظر إلى رجل جالس وحوله قوم قيام). فقال: عظني. فقال: سمعت أمير المؤمنين عليا عليه السلام يقول: (إن في جهنم حيات كالقلال، وعقارب كالبغال، تلدغ كل أمير لا يعدل في رعيته) ثم قام وهرب.
Page 202