194

Irshad

الإرشاد إلى نجاة العباد للعنسي

Genres

Soufisme

اعلم أيها الطالب أن ملكا من الملوك متى أنعم على بعض عبيده بالخلع والأموال العظيمة، بحيث صار متمكنا من ملك بعض الديار، فإن هذا العبد متى خالف أمر الملك، وتعصي عليه، وقصده بالعداوة والبغضاء، فإن القضايا الملكية السلطانية تحكم على جميع الوزراء، والخواص والأمراء، وسائر الخدم بلزوم المعاداة لهذا العبد العاصي، الكافر لنعمة الملك، بحيث أنهم يقبحون صحبته ومجالسته، وطلب الرفد منه، والإيناس له وأجناس ذلك ؛ حرصا على عداوة من عاداه الملك، ومن داهنه، ومن والاه وسود معه، أو مدحه في النثر أو الشعر، أو طلب الرفد منه يعدونه مجرما عاصيا للملك، خارجا عن خدمته، تجب عقوبته على قدر فعله، فربما أوجب الملك إهلاكه، كما أوجب إهلاك الأول، وربما أوجب تعذيبه، وربما صغر به وباعه بأخس الأثمان على حسب فعله، فالملك العظيم الشأن هو الله تعالى، والسلاطين الظلمة هم عبيده المتعصون عليه، بعد أن أنعم الله عليهم بأعظم النعم، وما تملكوا إلا بفضل نعمته، والمداهن لهم أو الداخل عليهم، أو الممتدح لهم هو العبد المداهن والملاين لعدو الملك، والقضايا السلطانية الحاكمة بوجوب

معاداته وعقوبته هي العقل، وما أنزل الله من الكتاب والسنة أيضا.

وعلى هذا قال الله تعالى:{ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون}(1) وإنما أفلحوا لأنهم خاصة الملك الجليل، الذين يعادون عدوه ويوالون وليه.

وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم (من أمر بالمعروف ونهى عن المنكر [من ذريتي](2)فهو خليفة الله في الأرض وخليفة كتابه ورسوله)(3).

Page 198