تنبيه على أساس النجاة
اعلم أن الله تعالى بفضله وبرحمته قد جعل لنا طريقا إلى التخلص من موبقات سخطه ومستحقات عقوبته، حتى إن الواحد من الناس يأتي بالجرائم العظيمة والخطايا الجسيمة، نحو الكفر والجحدان، وعبادة الأوثان والفسوق والعصيان، والقتل والظلم والافتراء والبهتان، والاستخفاف بحق الرحمن، ويدين بذلك ويديم عليه الدهور المتوالية ثم تمر عليه ساعة واحدة قليلة يفعل فيها فعلا سهيلا خفيفا نزرا فتطمس هذه المعاصي كلها، ويأتي على جميعها فلا تبقى عليه تبعتها ولا يستحق بعد ذلك عقوبتها، وهذا غاية الرفق والعفو من الملك الجليل بالعبد الذليل والحمد لله رب العالمين.
وهذا الجنس من الأفعال الراحضة لقبائح الأعمال ينبغي أن تكون أساسا للنجاة معتمدا عليه في كل وقت من الأوقات، وهو التوبة النصوح الساترة من الفضوح، قال الله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا}(1) وقال عز وجل: {وهو الذي يقبل التوبة عن عباده}(2) وقال بعد تعداده الكبائر والعقاب عليها: {إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات}(3) إلى غير ذلك من الآيات.
Page 20