123

I'rab al-Qiraat al-Sab' wa Ilaluha

إعراب القراءات السبع وعللها ط العلمية

Maison d'édition

دار الكتب العلمية

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٣٢٧ هـ - ٢٠٠٦ م

Lieu d'édition

بيروت - لبنان

Genres

فَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿يَعْكُِفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ﴾.
فَإِنَّ حمزة والكسائي قرءاه بِكَسْرِ الْكَافِ.
وَالْبَاقُونَ بِالضَّمِّ، وَهُمَا لُغَتَانِ، يَعْكِفُ وَيَعْكُفُ، وَيَعْرِشُ وَيَعْرُشُ، وَمَعْنَى يَعْكِفُونَ: يُوَاظِبُونَ عَلَيْهِ وَيُقِيمُونَ عَلَيْهِ، وَكُلُّ مَنْ لَزِمَ شَيْئًا فَقَدْ عَكَفَ عَلَيْهِ وَمِنْهُ الِاعْتِكَافُ فِي الْمَسَاجِدِ.
فَأَقَلُّ الِاعْتِكَافِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ سَاعَةً، وَعِنْدَ غَيْرِهِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، وَلَا يُجِيزُونَ الِاعْتِكَافَ، أَعْنِي هَؤُلَاءِ إِلَّا مَعَ الصَّوْمِ.
وَحُجَّةُ الشَّافِعِيِّ، ﵁، أَنَّ عُمَرَ قَالَ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ: كُنْتُ نَذَرْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: أَوْفِ بِنَذْرِكَ»، فَلَوْ كَانَ الصَّوْمُ وَاجِبًا مَا جَازَ الِاعْتِكَافُ لَيْلًا، لِأَنَّ الصَّوْمَ بِاللَّيْلِ مُحَالٌ.
وَاعْلَمْ أَنَّ كُلَّ فِعْلٍ كَانَ مَاضِيهِ مَفْتُوحَ الْعَيْنِ فَإِنَّ مُسْتَقْبَلَهُ يَجُوزُ كَسْرُهُ وَضَمُّهُ، أَمَّا مَا كَانَ مَاضِيهِ مَكْسُورًا فَالْمُضَارِعُ مِنْهُ مَفْتُوحٌ، وَمَا كَانَ مَاضِيهِ مَضْمُومًا فَالْمُسْتَقْبَلُ بِالضَّمِّ أَيْضًا، نَحْوَ يَظْرُفُ، فَهَذَا جُمْلَةُ هَذَا الْبَابِ.
وَقَدْ يَشِذُّ مِنْهُ الْأَحْرُفُ وَقَدْ بَيَّنْتُهَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ.
- وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَإِذْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ﴾.
قَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَحْدَهُ: «وَإِذْ نَجَّاكُمْ» وَكَذَلِكَ هِيَ فِي مَصَاحِفِهِمْ وَالْبَاقُونَ «أَنْجَيْنَاكُمْ».
وَإِذْ مُتَعَلِّقَةٌ بِفِعْلٍ، التَّقْدِيرُ: وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْجَيْنَاكُمْ، وَمَعْنَى أَنْجَيْنَاكُمْ: أَنْجَيْنَا أَبَاكُمْ وَأَحْيَيْنَاكُمْ فَوَعَظَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى لِئَلَّا يُنْزِلَ بِهِمْ نِقْمَتَهُ إِذَا خَالَفُوا.
- وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿جَعَلَهُ دَكًّا﴾.
قَرَأَ حَمْزَةُ، وَالْكِسَائِيُّ «دَكَّاءَ» مَمْدُودًا، جَعَلَهُ صِفَةً، وَالتَّقْدِيرُ: فَجَعَلَ الْجَبَلَ أَرْضًا مَلْسَاءَ دَكَّاءَ كَقَوْلِ الْعَرِبِ، نَاقَةٌ دَكَّاءُ: لَا سَنَامَ لَهَا، فَأُقِيمَتِ الصِّفَةُ مَقَامَ الْمَوْصُوفِ.
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ: «دَكًّا» جَعَلُوهُ مَصْدَرًا كَقَوْلِهِ: ﴿دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا﴾. غَيْرَ أَنَّ هَذَا قَدْ ذَكَرَ الْفِعْلَ الَّذِي صَدَرَ عَنْ مَصْدَرِهِ لَفْظًا، وَقَوْلُهُ «فَجَعَلَهُ» لَيْسَ مِنْ لَفْظِ دَكًّا، غَيْرَ أَنَّهُ بِمَعْنَاهُ فَكَأَنَّ التَّقْدِيرَ، فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ دَكَّهُ دكا.

1 / 125