I'rab al-Qiraat al-Sab' wa Ilaluha
إعراب القراءات السبع وعللها ط العلمية
Maison d'édition
دار الكتب العلمية
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٣٢٧ هـ - ٢٠٠٦ م
Lieu d'édition
بيروت - لبنان
Genres
مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ﴾ وَيَجُوزُ فِي النَّحْوِ وَجْهَانِ، وَلَمْ يَقْرَأْ بِهِمَا أَحَدٌ بِشْرَى، وَبُشْرَى مِثْلُ حُبْلَى، وَبُشْرَى بِمَعْنَى الْبِشَارَةِ بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ، وَالرَّحْمَةُ هَاهُنَا:
الْمَطَرُ، وَسُمِّيَ الْمَطَرُ رَحْمَةً، لِأَنَّ اللَّهَ يَرْحَمُ بِهِ عِبَادَهُ، كَمَا سُمِّيَتِ الْجَنَّةُ رَحْمَةً، إِذْ كَانُوا يَدْخُلُونَهَا بِرَحْمَتِهِ وَذَلِكَ حَيْثُ يَقُولُ: ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ ففي رحمت اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾. وَإِلَى ذَلِكَ وَجَّهَ الفراء قوله تعالى: ﴿إن رحمت اللَّهِ قَرِيبٌ﴾ وَلَمْ يَقُلْ قَرِيبَةٌ إِذْ كَانَتِ الرَّحْمَةُ يَعْنِي بِهَا الْمَطَرَ هَاهُنَا.
وَقَالَ آخَرُونَ: «قَرِيبٌ» صِفَةٌ لِمَكَانٍ أَيْ: أَنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ مَكَانٌ قَرِيبٌ كَقَوْلِهِ: ﴿وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ﴾ أَيْ زَمَانٌ قَرِيبٌ.
وَقَالَ آخَرُونَ: لَمَّا كَانَتِ الرَّحْمَةُ تَأْنِيثُهَا غَيْرُ جَائِزٍ جَازَ تَذْكِيرُهُ، وَقَدْ بَيَّنَّا نَحْوَ ذَلِكَ فِيمَا سَلَفَ مِنَ الْكِتَابِ.
وَقَالَ آخَرُونَ: إِنَّمَا ذُكِّرَتِ الرَّحْمَةُ، لِأَنَّكَ إِنَّمَا عَنَيْتَ بِهَا الْغُفْرَانَ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْأَنْبَارِيُّ ﵀، وَقَالَ النَّحْوِيُّونَ: إِنَّ قَرِيبًا مِنْكَ الْمَاءُ وَإِنَّ بَعِيدٌ مِنْكَ الْمَاءُ فَيَرْفَعُونَ مَعَ الْبَعِيدِ وَيَنْصِبُونَ مَعَ القريب.
وقال أبو عبيدة: قريب وبعيد لو كانت صِفَتَيْنِ دَخَلَتْ عَلَيْهِمَا الْهَاءُ وَلَكِنَّهُمَا ظَرْفَانِ وَلَا يُجْمَعَانِ وَلَا يُؤَنَّثَانِ وَأَنْشَدَ:
تُؤَرِّقُنِي وَقَدْ أَمْسَتْ بَعِيدًا ... وَأَصْحَابِي بَعَيْهَمَ أَوْ تَبَالَةَ
عَيْهَمُ وَتَبَالَةُ مَوْضِعَانِ: وَعَيْهَمُ: - فِي غَيْرِ هَذَا - الْجَمَلُ الضَّخْمُ أَنْشَدَنِي ابْنُ عَرَفَةَ:
وَمَنْقُوشَةٍ نَقْشَ الدَّنَانِيرِ عُولِيَتْ ... عَلَى عَجَلٍ فَوْقَ الْعِتَاقِ الْعَيَاهِمِ
الْعَيَاهِمُ: الْمَنْقُوشَةِ الْمَحْمَلِ.
- وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ﴾.
مَا اخْتَلَفَ الْقُرَّاءُ فِيهِ، غَيْرَ أَنَّ خَلَفًا رَوَى عَنِ الْكِسَائِي أَنَّهُ كَانَ إِذَا وَقَفَ عَلَى قوله «من تلقاء نَفْسِي» قَالَ: تِلْقَايْ فَأَمَالَ، وَ«مِنْ نَبَإِي الْمُرْسَلِينَ» «نَبَيْ»، وَإِنَّمَا أَمَالَ هَذَيْنِ الْحَرْفَيْنِ طَلَبًا لِلْيَاءِ، قَالَ قَوْمٌ: الْيَاءُ الَّتِي هِيَ فِي هِجَاءِ الْمُصْحَفِ، لِأَنَّهُمَا كَذَلِكَ كُتِبَا، وَالصَّوَابُ عِنْدِي أَنَّ الْإِمَالَةَ إِنَّمَا تَكُونُ فِي الْأَلْفَاظِ لَا فِي الْخَطِّ لَكِنَّ الْهَمْزَةَ الْمَكْسُورَةَ إِذَا لُيِّنَتْ وَخُفِّفَتْ لِلْوَقْفِ صَارَتْ فِي اللَّفْظِ يَاءً فَأَمَالَ لِذَلِكَ.
وَحُجَّةُ الْأَوَّلِينَ مَا حَدَّثَنِي بِهِ ابْنُ الْمَرْزُبَانِ عَنْ أَبِي الزَّعْرَاءِ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو، قال:
1 / 117