الاقتصاد في الاعتقاد
تأليف: تقي الدين أبو محمد عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي
تحقيق: د/ أحمد بن عطية الغامدي
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أفضل الخلق أجمعين نبينا محمد صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه ومن سار على هديهم إلى يوم الدين، أما بعد.
فإن ما منيت به الأمة الإسلامية على مختلف عصورها من انحرافات عقدية لعبت بأفكار بعض طوائفها بسبب جنوحهم عن الطريق القويم، وسلوك طرق ملتوية تؤدي إلى ما يريده أعداء الإسلام من إبعاد المسلمين عن دينهم وفك ارتباطهم بعقيدتهم، جعل علماء هذه الأمة يولون هذا الجانب اهتمامهم، حفاظًا على عقيدة الإسلام، وصيانة لها، ودفعًا لصولة أعدائها، فانبروا لبيان العقيدة الصحيحة التي يجب على المسلمين اعتناقها مدعومة بأدلتها الصريحة الواضحة من مصدرها الذي يجب على كل مسلم تعظيمه، والتسليم له، ألا وهو الوحي بقسميه كتاب الله تعالى وسنة رسوله ﷺ، مبتعدين في ذلك عن أوضار الأفكار المنحلة،
1 / 5
والمذاهب المنحرفة، فألفوا الكتب لتقرير الحق بأدلته التي تحمل في منطوقها ومفهومها تهافت كل ما خالفها، وفضح عواره، ولست في حاجة إلى ضرب أمثلة لذلك فهذه المكتبة السلفية تزخر بمؤلفاتهم على مختلف العصور، كمؤلفات ابن منده وابن خزيمة، وابن قتيبة، واللالكائي، وقبل هؤلاء جميعًا إمام أهل السنة الإمام أحمد بن حنبل الذي أصطلى بنار الأفكار الهدامة والعقائد الباطلة، فقارع أصحابها حتى أظهره الله عليهم.
وبعد هؤلاء جميعًا شيخ الإسلام ابن تيمية الذي ألقم كل صاحب فكر ضال أو منهج منحرف ألف حجر وحجر، وبين هؤلاء وأولئك كان ثمة علماء أجلاء، ساروا على الطريق نفسه وخدموا الهدف ذاته، ومن هؤلاء الإمام الحافظ عبد الغني المقدسي الذي أسهم في خدمة هذا الهدف النبيل، حيث جاهد في سبيل ذلك، فامتحن كما امتحن غيره، وأوذي في عقيدته كما أوذي غيره من العلماء المخلصين، وقد ألف كتبًا قيمة، ولعل أهمها هذا الكتاب النفيس الذي يدل عنوانه على محتواه فهو كتاب يحمل في طياته إيضاحًا لعقيدة السلف، وأنها العقيدة المثلى التي يتبوأ أربابها الوسطية بين جميع الطوائف، ولذلك حمل هذا السفر النفيس اسم
1 / 6
«الاقتصاد في الاعتقاد» وهو اسم على مسمى، فعقيدة السلف وسط بين الإفراط والتفريط، عقيدة تجمع ولا تفرق، لها من الخصائص العظيمة ما لم ولن يتوافر في ما سواها من العقائد المنحرفة، التي ضلت الطريق القويم باطراح دلالة الوحي، والجري وراء عقليات سقيمة، وفلسفات عقيمة، أدت إلى تعطيل الخالق عن صفات الكمال، وإلى نفي القدر، وإلى القول بالجبر، والتكفير لمذنبي الأمة ونفي الغيبيات الثابتة، وغير ذلك من الانحرافات المزرية.
وكان حامل لواء الانحراف رجل دخيل هو الجهم بن صفوان الترمذي، الذي ظهر في نهاية المئة الأولى، فحمل لواء التعطيل، وتولى كبر الجحود والإنكار، فعطل صفات الرب تعالى، وحارب تعاليم الإسلام، وانتشرت بعد ذلك المذاهب الكلامية، والمناهج الفلسفية، وتوزعت تركته بين أربابها، ولكن الحق يعلو ولا يعلى عليه فهو أبلج ناصع، سهل ميسور، أما تعقيدات القوم فلم تنطل إلا على من فسدت فطرته، أو عظم جهله، أو غلبت عليه شقوته، وقد أدى علماء الأمة ومن بينهم الإمام المقدسي واجب الإيضاح والبيان، والتحذير من مجانبة طريق أهل القرآن، وإنني إذ أقدم هذا السفر القيم بما حوى من تعليقات توضح غامضًا، أو تفصل مجملًا،
1 / 7
لأرجو الله الكريم، رب العرش العظيم أن يجعل عملى خالصًا لوجهه، وأن يهئ لنا من أمرنا رشدًا، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
د/ أحمد بن عطية الغامدي
المدينة المنورة في ٢٥/١٢/١٤١٣هـ.
1 / 8
(التعربف بالمؤلف)
اسمه ونسبه
هو الإمام الحافظ عبد الغني بن عبد الواحد بن علي بن سرور بن رافع بن حسين بن جعفر المقدسي١، الجَمّاعيلي٢، ثم الدمشقي المنشأ، الصالحي٣، يكنى أبا محمد، ويلقب بتقي الدين.
_________
١ المَقْدسي، بفتح الميم، وسكون القاف، وكسر الدال، هذه النسبة إلى بيت المقدس، وينسب إليه كثير من العلماء.
انظر: اللباب ٣/٢٤٦.
٢ جَمَّاعيل: بالفتح وتشديد الميم، قرية من جبل نابلس، من أرض فلسطين، وإنما انتسب المقدسي المولود بها إلى بيت المقدس لقرب جَمَّاعيل منها، ولأن نابلس وأعمالها جميعًا من مضافات بيت المقدس، وبينهما مسيرة يوم واحد.
معجم البلدان ٢/١٥٩-١٦٠.
٣ نسبة إلى الصالحية، وهي قرية كبيرة، ذات أسواق وجامع في جبل قاسيون من غوطة دمشق، كان أكثر سكانها من النازحين من بيت المقدس، ممن هم على مذهب الإمام أحمد بن حنبل.
انظر: معجم البلدان ٣/٣٩٠.
1 / 9
ولادته
ولد ﵀ بجَمَّاعيل من أرض نابلس، واختلف في تاريخ ولادته، فبينما يذكر ابن رجب عن الحافظ ضياء الدين المقدسي١ أن ولادته كانت في ربيع الآخر من سنة إحدى وأربعين وخمسمائة ٢ يذكر ابن طولون عن الضياء نفسه ترجيحه أنه ولد سنة أربع وأربعين وخمسمائة٣، وقال المنذري: ذكر عنه بعض أصحابه ما يدل على أن مولده كان سنة أربع وأربعين وخمسمائة٤، وهو ما ذكره ابن الدمياطي في المستفاد ٥.
_________
١ محمد بن عبد الواحد بن أحمد بن عبد الرحمن بن إسماعيل بن منصور، ضياء الدين، أبو عبد الله السَّعْدي المقدسي الجًمَّاعيلي، ثم الدمشقي الصالحي، ولد سنة ٥٦٩هـ، وكان إمامًا حافظًا، كتب مجموعة سير للمقادسة، منها سيرة شيخيه الحافظ عبد الغني، والشيخ الموفق، توفي سنة٦٤٣هـ.
انظر: السير ٢٣/١٢٦-١٣٠، وذيل طبقات الحنابلة ٢/٢٣٦-٢٤٠.
٢ انظر: ذيل طبقات الحنابلة ٢-٥، والسير ٢١/٤٤٤.
٣ انظر: القلائد الجوهرية ٢/٤٣٩.
٤ التكملة ٢/١٨.
٥ انظر: المستفاد من ذيل تاريخ بغداد ص١٦٩.
1 / 10
وذكر ابن رجب نقلًا عن ابن النجار في تاريخه أنه سأل الحافظ عبد الغني عن مولده فقال: إما في سنة ثلاث، أو في سنة أربع وأربعين وخمسمائة ١، فهذه ثلاثة أقوال متقاربة في تاريخ ولادته.
_________
١ انظر: ذيل طبقات الحنابلة ٢/٥.
1 / 11
أسرته
ترعرع ﵀ في أكناف أسرة كريمة، شغوفة بالعلم، نذرت نفسها لخدمته، وكانت هذه الأسرة تقيم في بيت المقدس، ثم رحلت بأبنائها إلى دمشق ونزلت عند مسجد أبي صالح، خارج الباب الشرقي أولًا، ثم انتقلوا إلى سفح جبل قاسيون، فعرفت محلة الصالحية بهم ١ وكان من أشهر هذه الأسرة وأجلهم الإمامان الحافظ عبد الغني، وابن خالته الإمام موفق الدين ابن قدامة المقدسي الذي وصف علاقته بالحافظ عبد الغني بقوله: " رفيقي في الصبا، وفي طلب العلم، وما كنا نستبق إلى خير إلا سبقني إليه إلا القليل ..." ٢.
وحين استقرت هذه الأسرة بسفح جبل قاسيون، بنوا دارًا
_________
١ انظر: البداية والنهاية ١٣/٣٨.
٢ ذيل طبقات الحنابلة ٢/١١.
1 / 12
تحتوي على عدد كبير من الحجرات دعيت بدار الحنابلة، ثم شرعوا في بناء أول مدرسة في جبل قاسيون، وهي المعروفة بـ «المدرسة العمرية» ١.
ومن هذه الأسرة ظهر علماء أجلاء، أسهموا في نشر المذهب الحنبلي في الشام حيث انتشر هذا المذهب ومدارسه، لا في دمشق وحدها، بل حتى في المناطق المجاورة لها، وكان لهجرتهم الأثر البالغ في خدمة مذهب الإمام أحمد، حيث ألفوا فيه الكتب القيمة التي أصبحت عمدة في فقه المذهب حتى يومنا هذا، ومؤلفوها يعدون من جهابذة العلماء، كالحافظ عبد الغني، وابن خالته موفق الدين ابن قدامة صاحب أشهر كتاب في تاريخ الفقة الإسلامي ألا وهو كتاب المغني، وعميد أسرتهم العلامة الشيخ أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي خال الحافظ عبد الغني ٢.
_________
١ انظر: القلائد الجوهرية ١/٢٥٠، وقد أنشأ هذه المدرسة الشيخ أبو عمر المقدسي، محمد بن أحمد بن قدامة، والد الموفق، وكانت من أشهر المدارس في ذلك العصر.
٢ انظر: مقدمة كتاب عمدة الأحكام ص١٨.
1 / 13
وأصبح لهذه الأسرة الكريمة شهرة عظيمة، سارت بها الركبان، وألفت في فضائلها وتاريخها الكتب، ومن أشهرها مؤلفات الضياء المقدسي وكتاب القلائد الجوهرية في تاريخ الصالحية لابن طولون، وغيرها.
وهي أسرة جديرة بعناية المؤرخين، لما لها من دور بارز في نشر العلم وخدمته بشتى الوسائل، من تدريس، وتأليف، وإنشاء مدارس، وعناية بطلابه.
وقد رزق الإمام عبد الغني ثلاثة أولاد من زوجته إبنة خاله: رابعة بنت أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي وهم، محمد، وعبد الله، وعبد الرحمن، وبنت واحدة أسماها فاطمة.
وقد كان أولاده الثلاثة علماء أجلاء، لهم شأن كبير في ميدان الفقه والحديث.
١ - فأما محمد فكان أكبرهم، وهو محدث حافظ إمام رحال، يلقب بعز الدين ويكنى أبا الفتح، مات سنة ثلاث عشرة وستمائة.
1 / 14
٢ - وأما عبد الله، فهو المحدث الحافظ المصنف جمال الدين أبو موسى، رحل وسمع من ابن كُلَيب، وخليل الرَّاراني، مات في رمضان سنة تسع وعشرين وستمائة.
٣ - أما الابن الثالث وهو عبد الرحمن ويكنى أبا سليمان، فقد اشتغل بعلم الفقه حتى برز فيه، وأصبح من المفتين في مسائله، وسمع من البوصيري، وابن الجوزي ١.
وإذا علمنا أن زوجته رابعة كانت من المشتغلين بعلم الحديث، وكانت ذات دين وزهد وعبادة وصلاح فإنه يتضح لنا أن هذه الأسرة الفريدة كانت ذات سيرة حميدة ومكانة علمية مرموقة، أثرت في أبنائها بما جعلهم من أوعية العلم حفظًا، ومن حذاقه عناية وتدقيقًا ونشرًا.
فرحمهم الله، وجزاهم عن الإسلام وأهله خير الجزاء.
_________
١ انظر عن هؤلاء الثلاثة: سير أعلام النبلاء ٢١/٤٦٨.
1 / 15
رحلاته العلمية
ما تحدثنا به كتب التاريخ عن الوسائل التي اتبعها علماؤنا الأجلاء من سلفنا الصالح في سبيل تحصيل العلم، وتتبع مصادره، وجمع شتاته، تحفز الهمم، وتبعث على الإعجاب والتقدير، فقد كانوا ﵏ يركبون الصعب والذلول، ويقطعون المفاوز، ويتعرضون للأخطار الجسام، في سبيل الوصول إلى العلماء في مواطن إقامتهم، والأخذ عنهم، وتدوين علمهم، وروايته ونشره، خدمة لهذا الدين، وأداءًا لواجب الأمانة، ونصحًا للأمة، وهداية لها بنور العلم الشرعي الأصيل.
والحافظ عبد الغني المقدسي لم يصل إلى ما وصل إليه من مكانة علمية سامقة، ولم يتمكن من النبوغ الفريد في علم الحديث، ويؤلف ما ألف فيه من كتب عظيمة، إلا بعد بذل جهد كبير، ومكابدة مشقة عظيمة، فقد سلك السنة المعروفة المميزة لجهابذة العلماء، ألا وهي الرحلة في سبيل الطلب، والإتصال بأئمة هذا
1 / 16
الشأن في ما تيسر له الوصول إليه من بقاع العالم الإسلامي في ذلك الوقت، والتتلمذ على أيديهم، وتدوين ما تيسر له من علومهم، وكان يفصل بين مواطن رحلاته مسافات شاسعة، فمن أصبهان شرقًا، إلى ثغر مصر غربًا، وهي مسافات تعد بمقاييس المواصلات في ذلك العصر شاسعة متباعدة، ولكن همة طالب العلم تستسهل الصعب، ولا تقف به دون بلوغ مطامحه، سيما بين أولئك العلماء الأفذاذ من أسلافنا الكرام، الذين كانوا يطلبون العلم لله بإخلاص وتجرد، لا يهمهم في ذلك بلوغ جاه، أو نيل دنيا.
ولذلك نرى أثار رحلاتهم انعكست على سعة تحصيلهم، وجودة تأليفهم، وعموم نفعها لمن بعدهم. فكلما تعددت الرحلات، وكثر الشيوخ، وطالت المدد، كلما كان صاحبها أوسع علمًا، وأكثر إتقانًا، وأحظى مكانة بين تلاميذه وأقرانه.
وتحدثنا كتب التاريخ عن رحلات كثيرة للحافظ عبد الغني، بدأها بهجرته مع أسرته من مسقط رأسه في فلسطين، إلى دمشق وهو صغير، وكان ذلك سنة إحدى وخمسين وخمسمائة، وكانت سنه آنذاك إحدى عشرة سنة على القول بأن ولادته كانت سنة
1 / 17
إحدى وأربعين وخمسمائة، وثمان سنين على القول بأن ولادته كانت سنة أربع وأربعين وخسمائة، وكان أول طلبه العلم بها، حيث سمع من أبي المكارم عبد الواحد بن محمد بن هلال، وأبي علي الحسن بن مكي بن جعفر الصوفي وغيرهما.
وكانت هذه الرحلة بداية الانطلاق لمراحل أرحب، ورحلات أشق وأوسع، ففي سنة ستين وقيل إحدى وستين وخمسمائة رحل إلى بغداد، وكانت حاضرة العلم والعلماء في ذلك الوقت، وقد صحبه في هذه الرحلة ابن خالته الإمام موفق الدين أبي محمد عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي، وكان بين ميولهما العلمية اختلاف، فبينما فضل الإمام الموفق الاتجاه إلى الفقه والعناية به، والتبحر فيه، وجه الحافظ عبد الغني عنايته إلى الحديث.
وفيها نزلا على الشيخ عبد القادر الجيلي في مدرسته، وكان لا ينزل بها أحدًا، إلا أنه توسم فيهما الخير والنجابة والصلاح، وكان يراعيهما، ويحسن إليهما، وقرآ عليه شيئًا من الحديث والفقه، ودامت إقامتهما عنده أربعين يومًا - كما ذكر الشيخ الموفق، وقيل خمسين، توفي بعدها الشيخ عبد القادر، ثم تتلمذا بعده في الفقه
1 / 18
والخلاف على الشيخ نصر بن فتيان المعروف بابن المنى، وأكثرا فيها من السماع على عدد كبير من الشيوخ، ثم قدما دمشق بعد أربع سنوات.
ورحل الشيخ عبد الغني إلى مصر والاسكندرية وكان ذلك سنة ست وستين وخمسمائة فأقام هناك مدة، إلا أنه عاد إلى الاسكندرية سنة سبعين، وسمع بها من الحافظ أبي طاهر السلفي وأكثر عنه، حتى قيل: إنه كتب عنه ألف جزء.
وسمع بمصر من عدد كبير من العلماء من أبرزهم العلامة أبو محمد عبد الله بن بَرّي، وأبو عبد الله محمد بن علي الرحبي، وغيرهم.
وكانت له رحلة إلى الجزيرة ١ كما يذكر الإمام ابن كثير، ورحلة أخرى إلى بغداد، أما رحلته إلى أصبهان فكانت بعد
_________
١ هي جزيرة أقُور، بالقاف، وهي بين دجلة والفرات، مجاورة الشام، تشتمل على ديار مضر، وديار بكر، سميت الجزيرة لأنها بين دجلة والفرات.
معجم البلدان ٢/١٣٤.
1 / 19
السبعين، وفي هذه الرحلة كابد شظف العيش حيث لم يتيسر له فيها إلا القليل من المال الذي لا يكفيه لمؤنة سفره، إلا أن الله أعانه عليها لصفاء مقصده، حيث هيأ له من أعانه على أعباء المعيشة حتى دخل أصبهان، وحصّل بها الكثير من العلم، والنفيس من الكتب، وبها تتلمذ على أئمة أجلاء من أبرزهم الحافظ: أبو موسى محمد بن أبي بكر المَدِيني، وأبو سعد محمد بن عبد الواحد بن عبد الوهاب الصائغ، وخلق كثير سواهم.
أما رحلته إلى همذان، فلم أجد من أرّخها إلا أنه رحل إليها، ولعل رحلته إليها كانت بعد خروجه من أصبهان، حيث سمع بها من أبي المحاسن عبد الرزاق بن إسماعيل القرماني، وأبي سعيد المطهر بن عبد الكريم القومساني وسواهما.
ويذكر المنذري أنه حدث بدمياط، وهذا يدل على أنه رحل إليها أيضًا، ورحل إلى الموصل، وسمع من خطيبها أبي الفضل الطوسي. وله رحلات جانبية أخرى، إذ كان ﵀ عالي الهمة، شديد التعلق بكل ما يزيد في علمه، ويخدم هدفه ١.
_________
١ انظر عن رحلاته: ذيل طبقات الحنابلة ٢/٥-٦، وسير أعلام النبلاء ٢١/٤٤٤-٤٤٥، والقلائد الجوهرية ٢/٤٤٠، وتذكرة الحفاظ ٤/١٣٧٣، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد ص١٦٨، والبداية والنهاية ١٣/٣٨-٣٩.
1 / 20
وإذا كان الحافظ عبد الغني قد طوف حواضر العلم شرقًا وغربًا، وحصل بذلك العلم الغزير وتبحر فيه حتى أصبح من أعلامه البارزين، فإنه لابد من أن يبذل كما أخذ، فقد حدث بأكثر البلاد التي دخلها، وروى عنه خلق كثير ١.
_________
١ انظر: ذيل طبقات الحنابلة ٢/٣٢.
1 / 21
شيوخه
لقد كان الإكثار من الشيوخ سمة بارزة بين علماء السلف الصالح، فما من عالم له شأن إلا ونجد وراء نبوغه عددًا غير قليل من العلماء الذين تتلمذ على أيديهم، والحافظ عبد الغني المقدسي ممن أكثر من الشيوخ، حيث حرص على أن لا يفوته السماع من مشاهير عصره، ورحلاته التي سبق الحديث عنها، كانت وسيلة رئيسة في الاتصال بهم، وفيما يلي أورد أهم شيوخه في كل بلد رحل إليه، كما ذكرهم المنذري وهو من تلاميذه، وهو لذلك كان من أكثر الناس معرفة به، وهم:
١ـ أبو المكارم عبد الواحد بن محمد بن هلال.
٢ـ أبو علي الحسن بن مكي بن جعفر الصوفي.
٣ـ أبو المعالي عبد الله بن عبد الرحمن بن صابر.
أبو عبد الله محمد بن حمزة بن أبي جميل.
1 / 22
ومن هؤلاء وغيرهم كان سماعه بدمشق.
٥ـ الخطيب أبو الفضل عبد الله بن أحمد الطوسي. وكان سماعه منه بالموصل.
٦ـ أبو محمد عبد القادر بن أبي صالح الجيلي - شيخه في الفقه.
٧ـ أبو طالب المبارك بن علي بن محمد بن خضير الصيرفي.
٨ـ أبو الفضل المبارك بن المبارك بن صدقه السّمْسَار.
٩ـ أبوالفتوح عبد القاهر بن محمد بن عبد الله بن الوكيل.
١٠ـ أبو بكر أحمد بن المُقَرَّب الكَرْخي.
١١ـ أبو المعالي أحمد بن عبد الغني بن محمد الباجِسرائي.
١٢ـ أبو الحسن سعد الله بن نصر بن الدَّجَاجي.
١٣ـ الحافظ أبو أحمد معمر بن عبد الواحد بن الفاخر.
١٤ـ أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان.
١٥ـ أبو المظفر يحيى بن علي بن خطاب الخِيَميّ.
١٦ـ أبو بكر عبد الله بن محمد ابن النقور.
١٧ـ أبوالقاسم يحيى بن ثابت بن بُنْدار.
١٨ـ أبو زرعة طاهر بن محمد المقدسي.
أبو المكارم المبارك بن محمد بن المُعَمَّر البادرائي.
1 / 23
٢٠ـ أبو الحسن علي بن المبارك بن الحسين الواسطي.
٢١ـ أبو محمد عبد الله بن أحمد بن أحمد ابن الخشّاب.
ومن هؤلاء وغيرهم سمع في بغداد.
٢٢ـ أبو المحاسن عبد الرزاق بن إسماعيل.
٢٣ـ أبو سعيد المُطَهَّر بن عبد الكريم.
٢٤ـ أبو الفرج إسماعيل بن محمد بن إسماعيل القومساني.
ومن هؤلاء وغيرهم سمع في همذان.
٢٥ـ أبو موسى محمد بن أبي بكر المَدِينِيّ.
٢٦ـ أبو سعد محمد بن عبد الواحد بن عبد الوهاب الصائغ.
٢٧ـ أبو الفتح عبد الله بن أحمد بن أبي الفتح الخِرَقي.
٢٨ـ ابو العباس أحمد بن أبي منصور أحمد بن محمد بن يَنَال.
٢٩ـ أبو رشيد حبيب بن إبراهيم بن عبد الله المقرئ.
٣٠ـ ابو رشيد إسماعيل بن غانم بن خالد البيّع.
٣١ـ أبو غالب محمد بن محمد بن ناصر.
٣٢ـ أبو القاسم عبد الله سفيان وأبو القاسم عليّ ابني أبي الفضل بن طاهر الخرقي.
أبو بكر بنيمان بن أبي الفوارس بن أبي الفتح السبّاك. وسمع
1 / 24