Le Climat : Une brève introduction
الإقليم: مقدمة قصيرة
Genres
كانت هذه المساحات التجريبية من حياة البلدة والقرية والحياة الريفية مموهة - إن جاز التعبير - بإقليميات السيادة والإدارة السياسية؛ فعلى الصعيد الرسمي، كان هذا الجزء من العالم منطقة طرفية نسبيا من الإمبراطورية العثمانية، التي كانت متمركزة سياسيا في إسطنبول. وكما هي الحال مع الأماكن الهامشية الأخرى، كانت الأرض التي ستصبح بعد ذلك إسرائيل/فلسطين/الأردن تمثل أهمية للحكام كمصدر للضرائب والجنود المتطوعين، وكان التدخل المباشر من جانب السلطات المركزية، بحسب المعايير المعاصرة، رخوا نوعا ما (كيمرلينج وميجدال 2003)؛ فقد كانت المنطقة تحكم من خلال منظومة إقليمية مؤلفة من «الولايات» و«السناجق» أو المناطق الإدارية (انظر خريطة
1 ). في عام 1831، أسفرت عملية عسكرية بقيادة محمد علي عن احتلال المصريين جزءا كبيرا من المنطقة، وبعد قيام الإمبراطورية العثمانية بتأكيد السيطرة مجددا في عام 1840، اعتبرت المنطقة من قبل السلطات العثمانية منطقة ذات أهمية استراتيجية أكبر، وأصبح وجود الدولة المركزية ملحوظا على نحو أكبر. وكان من ضمن التعبيرات عن هذا التدخل الأوسع ما جاء من إعلان قانون الأراضي العثمانية لعام 1858، الذي كان محاولة لترشيد حيازة الأراضي؛ وبهذا القدر يمكن فهمه كتدخل في إقليمية الحياة اليومية. ولما كان لهذا أهمية مماثلة على الأقل، أصبح هذا القانون الخاص بالأراضي أقرب إلى بنية رسوبية قامت عليها عمليات إعادة الأقلمة اللاحقة التي جرت بعد ذلك.
في الوقت نفسه، كانت تحولات أخرى أوسع في الاقتصاد السياسي العالمي والثقافة بصدد البدء في إحداث تأثيرات ونتائج ملحوظة أيضا؛ فقد أثر دخول المحاصيل النقدية، مثل القطن والسمسم والبرتقال، على استخدام الأرض والعمالة؛ ومن ثم على أنماط الكفاف الريفي واقتصاديات المنزل (كيمرلينج وميجدال 2003؛ بابه 2004). وكان من تأثير ظهور القدس و«الأرض المقدسة» كمقاصد سياحية للأمريكيين والأوروبيين أن شرعت السلطات المركزية في توجيه انتباه أشد إلى المنطقة، ولكن كان العنصر الأهم إلى حد بعيد لقصة الإقليم اللاحقة هو استحداث الحركة الصهيونية في أوروبا.
الصهيونية، في أشكالها ووظائفها المتعددة، هي أيديولوجية للقومية اليهودية نشأت في أوروبا في أواخر القرن التاسع عشر جنبا إلى جنب مع قوميات أخرى، واستجابة لها (ديكهوف 2003). وكانت هي والخطابات المرتبطة بها، حلا طموحا لمشكلات متعلقة بما كان يسمى «المسألة اليهودية»؛ ففي ظل مواجهة اضطهاد متواصل في أوروبا الشرقية، من جانب، والمشكلة المناقضة كليا المتمثلة في الاندماج في أوروبا الغربية، واقتران ذلك بالعنصرية المعادية للسامية عبر أنحاء الشتات؛ بدأ بعض المفكرين اليهود مثل تيودور هيرتزل في صياغة استراتيجية جغرافية لتقرير المصير. وتضمنت هذه الاستراتيجية استعمار اليهود من كل أنحاء العالم ل «أرض إسرائيل»، كما أطلقوا عليها، الوطن اليهودي الأبدي. وعلى نحو مهم، وبحسب تعبير كيمرلينج في دراسته المطولة في شكل كتاب «الصهيونية والأرض»: «مع مرور الزمن صار مفهوم صهيون ميتافيزيقيا وتجريديا على نحو متزايد؛ فقد كانت حدوده غير واضحة وغير محددة، يستثنى من ذلك مركزه القدس» (1983، 8-9).
ولكن لما كان صهيون هذا مجردا (وربما بسبب ذلك على نحو جزئي)، أصبح رمزا تعبويا للحركة القومية اليهودية. أصبح واضحا أن أرض إسرائيل فقط هي القادرة على العمل كرمز قوي كاف لتجنيد أعداد كبيرة من اليهود عبر أرجاء العالم ، من أجل نشاط اقتصادي واجتماعي وسياسي جماعي، إما كمشاركين فعليين في الهجرة وبناء مجتمع جديد، وإما كداعمين معنويين و/أو ماديين للحركة. واقترحت بدائل إقليمية أخرى (أوغندا، شمال سيناء، الأرجنتين، بل كان ثمة مقترح سوفييتي لتأسيس جمهورية يهودية في بيروبيجان) أثارت قدرا كبيرا من الجدل داخل الحركة الصهيونية، ولكنها جميعا رفضت في النهاية باعتبارها «غير صهيونية». (1983، 9)
كان للمكان الملائم لهذا الصهيون القادم من وحي الخيال سمة أخرى مهمة؛ فكما يكتب غازي وليد فلاح: «من المستحيل تقريبا أن نتطرق إلى الجدال الخاص بخطاب الأرض في الصراع الإسرائيلي/الفلسطيني دون الاضطرار إلى تذكر الشعار الصهيوني «أرض بلا شعب، لشعب بلا أرض».» (2003، 182). وهذا التمثيل، بالطبع، كان متعارضا تعارضا شديدا مع الحقيقة؛ فقد كان، على أفضل تقدير، تفكيرا رغبيا، أو ربما النذير الخطابي لتجريد وطرد الأشخاص الذين كانوا يقطنون هذه الأرض فعليا. «جاءت الصحوة بمجرد بدء الهجرة الجماعية إلى إسرائيل في عام 1882. كان الواقع بعيدا تماما عما كان متصورا؛ فقد كانت الأرض الخالية المتاحة محدودة للغاية» (كيمرلينج 1983، 10). وكما سنناقش بمزيد من التفصيل فيما يلي، ربما تكون هذه العقبات (وجود الناس وعدم توافر الأرض) قد بينت مشكلات لوجيستية، ولكن لم ينظر إليها باعتبارها مستعصية على الحل. علاوة على ذلك، كانت مسألة كون صهيون رسميا جزءا من الإمبراطورية العثمانية «ينظر إليها فقط كتعقيد قانوني»، وكون الأرض مملوكة لآخرين كان مجرد «مشكلة مالية» من الممكن حلها من خلال جمع التبرعات (كيمرلينج 1983، 9). كان المشروع الصهيوني ل «تحرير» أرض إسرائيل بوصفها موطن اليهود مزمعا أن يتم على محورين إقليميين على نحو متزامن؛ محور السيادة ومحور الملكية، وفي نقطة التقاطع بينهما. وبحلول عام 1903، أقيمت 20 مستوطنة يهودية بلغ مجموع سكانها معا 10 آلاف نسمة (بيكرتون وكلوسنر، 1995، 22)، وقدم البارون روتشيلد قدرا كبيرا من الدعم المالي.
يقارن باروخ كيمرلينج حركة الاستيطان اليهودية بأخرى، مثل المستعمرات الاستيطانية في أمريكا الشمالية، بالإشارة إلى أنه «في فلسطين لم تكن توجد حدود تذكر» (1983، 13). ولكن، من ناحية ما، من خلال الموقع الاستراتيجي للمستوطنات، نشأ نوع من «الحدود» الفعلية. ويكتب الجغرافي السياسي أورين يفتاشيل:
أصبحت «الحدود»، بالنسبة إلى الثقافة الصهيونية، أيقونة محورية، واعتبر إقرارها واحدا من أكبر الإنجازات. وقد قدم حد «الكيبوتس» (قرى ريفية جماعية) نموذجا، وامتلأت اللغة العبرية العائدة إلى الحياة بالصور الإيجابية المستمدة من الأساطير الدينية للتحرير الوطني مثل
aliya lakorka (وتعني حرفيا «اعتلاء الأرض»، أي الاستيطان)، و
ge’ulat korka (تحرير الأرض)، و
Page inconnue