Le Climat : Une brève introduction
الإقليم: مقدمة قصيرة
Genres
في الجزء الثاني أستكشف مجموعة من المشروعات المتعددة الاختصاصات المعرفية (كلاين 1990)، التي ترفض صراحة هذه الأقلمة للإقليم، وتسعى لتوضيح بعض مما أضفي عليه غموض بفعل أساليب الخطاب التخصصية الأكثر تقليدية؛ بل إنه من الممكن إثبات أن هذه المشروعات المتعددة الاختصاصات هي في حد ذاتها، جزئيا، نواتج للتفكير في عمليات إعادة التشكيل الإقليمي في العالم، مثل تلك المرتبطة بالخصخصة وما بعد الاستعمارية. (2) الإقليم ومجالاته المعرفية (2-1) العلاقات الدولية
لا شك أن الدولة الإقليمية، وتكتلات الدول، وحدودها المرتبطة بها التي تغطي الأرض المأهولة على نحو شامل؛ هي من بين التعبيرات الأهم للإقليمية في العالم الحديث؛ فهذه المصفوفة المكانية، بطرق عدة، تدعم أو تعتبر محط انتباه معظم التخصصات المعرفية الاجتماعية (أجنيو 1993). فالدولة، التي ينظر إليها تقليديا باعتبارها «حاوية» شبه طبيعية ل «مجتمعها» المقترن بها، «عملت بمنزلة دوامة تمتص العلاقات الاجتماعية لتشكلها من خلال إقليميتها» (تايلور 1994، 152).
من بين التخصصات المعرفية، التي يعد الإقليم محور اهتمام جوهري لها، العلاقات الدولية. ولكن حتى في هذا الصدد، كما يدعي روجي، «من المدهش حقا أن مفهوم الإقليمية قد درس دراسة محدودة من قبل طلاب السياسة الدولية؛ فإهماله أشبه بعدم النظر مطلقا إلى الأرض التي يمشي عليها المرء» (1993، 174). والمقصود بهذا هو أنه بينما يعد الإقليم محور اهتمام جوهري لمجال العلاقات الدولية، فإن «ماهية» الإقليمية و«كيفية» عملها عادة ما تفترضان فقط دون أن تستكشفا؛ سواء على نحو نقدي أو على أي نحو آخر؛ فالإقليم يعين حدود «الداخل» و«الخارج» المؤسسين للدول؛ فهو يعمل على تمييز المحلي عن الأجنبي، والقومي عن العالمي. ولكن هذه الاختلافات بدورها تعمل على دعم هوية العلاقات الدولية في مقابل العلوم السياسية؛ فكما كتب أجنيو: «لقد كان التقسيم الجغرافي للعالم إلى دول إقليمية متعارضة هو ما عمل على تحديد مجال الدراسة» (أجنيو وكوربريدج 1995، 78). والفكرة المعلنة في الغالب هي أن «السياسة»، على وجه التحديد، يمكن أن تظهر فقط «داخل» مجتمع سياسي محدد إقليميا؛ ف «العلاقات» المتنوعة بين الدول ذات السيادة (بين الأماكن) لا يمكن وصفها وصفا دقيقا بأنها «سياسة»، بل حنكة سياسية. بتعبير أبسط، «النظام داخل حدود الدولة دراسته متاحة للآخرين» (أجنيو وكوربريدج 1995، 81). وهذا ببساطة تأكيد على أن مفهوما معينا للإقليم يعد موضعا محوريا للاهتمام المعرفي، ومقوما للعلاقات الدولية كتخصص مستقل.
تعد الدولة الإقليمية و«منظومة» الدول الشاملة عالميا تطورا حديثا نسبيا في العالم؛ فعلى الرغم من وجود سوابق مشابهة في الماضي، ظهرت منظومة الدول الإقليمية الحديثة في أوروبا الحديثة في بدايتها كحل عملي جزئي لعدد من المشكلات المحلية والمحتملة تاريخيا، المرتبطة بالفترة الانتقالية الطويلة المدى من الإقطاعية إلى الرأسمالية. وقد صيغت الإقليمية كتعبير مكاني عن فكرة السيادة الحصرية في عدد من المعاهدات، مثل معاهدة وستفاليا (1648)، ومعاهدة أوترخت (1703) (كريسنر 2001؛ تيشة 2003). ولكن الأمر استغرق 300 عام - ثم بضعة أعوام أخرى - لتصبح الأداة المكانية المنظمة على مستوى كوكبي. وجزء من الكيفية التي يمكن بها فهم العمليات العالمية التاريخية الخاصة بالإمبريالية، والاستعمارية، وتصفية الاستعمار، والتحرير الوطني؛ هو فهمها باعتبارها الفرض التدريجي والانتقائي لهياكل الدولة ذات الطابع الإقليمي على الشعوب غير الأوروبية والمقاومة، والتكيف أو القبول الانتقائي لهذه الأمور من جانب الخلفاء القوميين. وأيا كان الأمر، فمن المهم أن نتذكر أن الدولة الإقليمية السيادية كانت ظاهرة عالمية لأقل من 60 عاما.
يرتبط الإقليم في هذا الإطار الفكري ارتباطا وثيقا بمفهوم «السيادة» كشكل خاص من أشكال السلطة (كريسنر 1999؛ ووكر ومندلوفيتش 1990). والحق أن السيادة الحديثة غير قابلة للانفصام عن الإقليم الحديث؛ فعلى الصعيد الشكلي، أن تكون «ذا سيادة» يعني أن تمتلك سلطة مطلقة داخل حيز إقليمي، ولا تعاني أي تدخل من قبل أي أطراف خارج هذا الحيز، وحدود الحيز تقرر حدود السلطة، وأي تدخل من هذا القبيل يفهم أنه يهدد سلام الدولة؛ ومن ثم يهدد استمرار وجودها؛ لذلك، من المفهوم أن أي تدخل أو اعتداء يحفز استخدام حق الدفاع بأي وسيلة تقتضيها الضرورة. ومفهوم السيادة الإقليمية، «على الصعيد الشكلي»، يستتبع المساواة بين الدول السيادية الذاتية الإعلان عن استقلالها، مثل: أوزبكستان، وسيشل، والمكسيك، والولايات المتحدة. أما «على الصعيد العملي»، فيوجد تدرج هرمي متغير تاريخيا ومتنوع إقليميا للدول، من شأنه تعقيد هذه المساواة الشكلية (كلارك 1989).
وقد وضعت العلاقات الدولية على نحو تقليدي عددا من الافتراضات بشأن الإقليم وعلاقته بالسيادة؛ ولكن، على نحو أساسي، تسلم العلاقات الدولية بأن «الشكل الحديث للإقليمية ... قائم على حدود خطية ثابتة تفصل المساحات المتصلة والمتعارضة» (روجي 1993، 168). ومن المفهوم أن هذه الحدود تميز اختلافات واضحة وغير مبهمة بين الدواخل والخوارج، والعلاقات المحلية والخارجية، والمواطن والأجنبي. وهذه الحدود، بالطبع، من بين أهم فئات الحياة الاجتماعية الحديثة. ووضوح وبساطة الإقليم والحدود يضمنان وضوح وقطعية السلطة السيادية. ولكن نظرية العلاقات الدولية تتفهم هذه الحدود أيضا بطرق خاصة نوعا ما، وفهم التداعيات التي يتخيل أنها تنبثق من هذه «الكينونة المكانية»، بحسب تعبير أجنيو (1998)، هو جل مضمون نظرية العلاقات الدولية.
في الخطاب الخاص بنظرية العلاقات الدولية يكون لحد الدولة معنى آخر أعمق؛ فهو لا يميز الحدود الخارجية للسلطة الشرعية أو النقاط الواقعة على طول أي خط تتصل عنده الدول ذات السيادية المتجاورة فحسب، بل أيضا يميز الاختلاف المطلق بين «المجتمع» و«الفوضى». والفوضى في هذا المقام مصطلح متخصص يشير ببساطة، في أبسط استخدام له، إلى «غياب» السيادة. ولكن إذا كانت «السيادة» تشير ضمنا إلى «نظام سياسي متجانس ومتماسك» (آشلي 1988، 238)، وإذا كان «مجال السياسة المحلية ... هو المجال الذي يصل فيه المجتمع إلى أقصى درجات البراعة والكمال» (آشلي 1987، 412)؛ فإن «الفوضى، في المقابل، تشير إلى مجال من الالتباس واللاتحديد، مجال من المخاطر والمخاوف قد يضع الوجود المحض للدولة السيادية في خطر» (آشلي 1988، 238). إذا، نظرية العلاقات الدولية لا تفترض فقط مفهوما بعينه للإقليم (بوصفه واضحا ومغلقا وثابتا)، ولكنها تميل أيضا إلى تحويل الإقليم بقوة إلى مصطلحات ثنائية التفرع بواسطة وضع خرائط لتعيين النظام/الفوضى، والهوية/الاختلاف، والوجود/الغياب، والسياسة/السلطة، وما إلى ذلك عبر الحدود والمساحات التي تصبح من خلالها الحياة الاجتماعية ملموسة وواضحة.
ولكن هذا التوصيف يبسط الرؤية الإقليمية لنظرية العلاقات الدولية تبسيطا مبالغا فيه؛ فهذا الرأي ينطبق بسهولة على بعض التوجهات النظرية أكثر من انطباقه على غيرها. وانتقادات ودفاعات هذا التوجه أعطت بالفعل حياة لما يسميه مؤرخو المجال «المناظرة الكبرى» بين «الواقعيين» و«المثاليين» (مجروري 1982؛ سميث 1995؛ ووكر 1989). و«الواقعية» هي أسلوب تفكير في «الجانب الدولي»، تكون فيه جميع الدول السيادية هي الجهات الفاعلة الوحيدة ذات الصلة (براون 1992؛ بوزان 1996). والشواغل الأساسية للعلاقات الدولية الواقعية وأساليب الخطاب الخاصة بالشئون الخارجية والسياسة الخارجية المرتبطة بها؛ هي السلطة والأمن والنظام. ثمة موضوعات أخرى مرجحة للعلاقات بين الدول، مثل العدالة أو الأخلاق، غير ذات صلة بدرجة ما أو بأخرى. ومرة أخرى، يعتقد أن الأفكار مثل «السياسة» أو «المجتمع»، التي ربما تشكل الأساس لعدالة أو أخلاقيات الكوكب، غائبة إلى حد كبير عن العلاقات «بين» الدول؛ وهذا هو معنى «الفوضى».
في المقابل، تعمل «المثالية» - أو كما يسمى هذا التوجه في بعض الأحيان «الليبرالية»، أو «التعددية»، أو «اليوتوبية» - على تأكيد إمكانية قيام «مجتمع دولي» للدول في غياب السيادة (ليتل 1996). ويرى المفكرون بهذا الأسلوب أن هناك على الأقل إمكانية لدعم العلاقات الدولية (بشيء أشبه) بالتزامات أخلاقية عامة ومفهوم عام وشامل للعدالة. ويصنف كريس براون الاختلاف بأنه اختلاف بين «الجماعاتيين» (الواقعيين) و«الأمميين» (المثاليين). عمليا، قد يكون بالإمكان تحقيق نظام عالمي معياري أممي من خلال تأسيس وتنشيط منظمات دولية مثل عصبة الأمم أو الأم المتحدة، ومن خلال زيادة وتقوية «الأنظمة الدولية» أو الاتفاقيات المتعددة الأطراف كتلك المتعلقة بحقوق الإنسان، والبيئة، وحظر انتشار الأسلحة النووية (هاسينكليفر وآخرون 1997؛ كريسنر 1983). بالطبع يدرك المثاليون الأهمية الجوهرية للسيادة الإقليمية ويؤكدون عليها. ولكن افتراض «مجتمع دولي» من شأنه توسيع موضوعات المناقشة لتشمل التعاون والضرورة المحتملة، المتمثلة في «التدخل» الإنساني في الشئون الداخلية للدول الأعضاء. وثمة صور أقوى لهذا التوجه قد تدعو إلى فرض قيود عملية على السيادة الإقليمية أو ترحيل بعض سمات السيادة إلى حكومة عالمية؛ فحتى النسخ الأقوى وضعها مؤيدون لقيام حكومة عالمية موحدة (جلوسوب 1993).
في سبيل تحقيق أهدافنا تصاغ هذه المناظرات داخل إطار العلاقات الدولية (والخطاب الخاص بالشئون الخارجية التقليدية من منظور أعم)، من خلال مفاهيم متباينة للإقليم؛ فيرى الواقعيون المنظومة الإقليمية العالمية باعتبارها مؤلفة من دول سيادية متعارضة ومحددة مكانيا، منظمة على أساس تخطيط مستو ثنائي الأبعاد للسلطة والنفوذ. أما المثاليون، فيتخيلون أقلمة للسلطة العالمية مقسمة تدريجيا إلى طبقات. وفي هذا الصدد، تعد الأقاليم السيادية عناصر تأسيسية لمجتمع عالمي من الدول؛ فيما يشبه إقليما ضخما. وكما سيتضح أكثر مع التوغل في هذه الدراسة، هناك الكثير من العناصر المشتركة بين هاتين الصورتين من الإقليم أكثر مما قد توحي به عبارة «المناظرات الكبرى». (2-2) الجغرافيا البشرية
Page inconnue