ﷺ دون آحَاد الْأمة وَلَا يعرض احْتِمَال الْخَطَأ لمن عمل بِالْحَدِيثِ وَأفْتى بِهِ بعد فهمه إِلَّا وأضعاف أضعافه حَاصِل لمن أفتى بتقليد من لَا يعلم خَطؤُهُ من صَوَابه وَيجْرِي عَلَيْهِ التَّنَاقُض والاختلال وَيَقُول القَوْل وَيرجع عَنهُ ويحكى عَنهُ فِي الْمَسْأَلَة عدَّة أَقْوَال وَهَذَا كُله فِيمَن لَهُ نوع أَهْلِيَّة أما إِذا لم يكن لَهُ أَهْلِيَّة ففرضه مَا قَالَ الله تَعَالَى ﴿فاسألوا أهل الذّكر إِن كُنْتُم لَا تعلمُونَ﴾ وَإِذا جَازَ اعْتِمَاد المستفتي على مَا يَكْتُبهُ لَهُ الْمُفْتِي من كَلَامه أَو كَلَام شَيْخه وَإِن علا فَلِأَن يجوز اعْتِمَاد الرجل على مَا كتبه الثِّقَات من كَلَام رَسُول الله ﷺ أولى بِالْجَوَازِ وَلَو قدر أَنه لم يفهم الحَدِيث فَكَمَا لَو لم يفهم فَتْوَى الْمُفْتِي يسْأَل من يعرفهَا فَكَذَلِك الحَدِيث انْتهى كَلَامه
قلت لَعَلَّ أَبَا يُوسُف أَرَادَ بالعامي من لَا أَهْلِيَّة لَهُ وَإِلَيْهِ يُشِير كَلَام الْأَكْمَل فِي الْعِنَايَة وَغَيره فَلَا يُنَافِي كَلَامه مَا ذكر ابْن الْعِزّ فِيمَن لَهُ نوع أَهْلِيَّة لَكِن قد يُقَال الْكَلَام فِيمَن عرف الحَدِيث الصَّحِيح بِمَعْنَاهُ وَهَذَا الرجل بعد الْمعرفَة لَيْسَ بعامي فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَة حَتَّى يحْتَاج إِلَى السُّؤَال لقَوْله تَعَالَى ﴿فاسألوا أهل الذّكر إِن كُنْتُم لَا تعلمُونَ بِالْبَيِّنَاتِ والزبر﴾ وَهَذَا الرجل قد علم بِالْبَيِّنَةِ فِي هَذِه الْمَسْأَلَة لِأَن الحَدِيث بعد مَا علم صِحَّته حجَّة لمن علم بِمَعْنَاهُ وَهُوَ الْمَفْرُوض فِي الْمَسْأَلَة إِلَّا أَن يُقَال إِن ذَلِك حجَّة وَبَيِّنَة لمن علم عدم الْمعَارض علما يعْتد بِهِ وَلَا اعْتِدَاد بِعلم مثل هَذَا الْعَاميّ إِن علم عدم الْمعَارض فَكيف إِذا لم يعلم لَكِن ذَلِك إِذا لم يعلم أَن أحدا مِمَّن يعْتد بِعِلْمِهِ أَخذ بِهَذَا الحَدِيث وَعمل بِهِ وَأما إِذا علم ذَلِك يصير حجَّة لمعْرِفَة عدم الْمعَارض عِنْد من يعْتد بِعِلْمِهِ وَعلم من يعْتد بِعِلْمِهِ عدم الْمعَارض كَمَا هُوَ كَاف فِي الْعَمَل وحجية الحَدِيث لذَلِك الْعَالم كَاف لمن أخبرهُ ذَلِك الْعَالم أَو لمن علم بِعِلْمِهِ بِوَجْه مَا وَلَا يظْهر الْفرق وإبداء الْفرق يتَكَلَّف لَا ينفع بل هُوَ تحكم وَالله تَعَالَى أعلم بَقِي أَن الحَدِيث وَإِن لم يكن حجَّة فِي حق الْعَاميّ إِلَّا بِالشّرطِ الْمَذْكُور لَكِن لَا أقل من أَن يكون شُبْهَة فِي حَقه فِي دَرْء الْكَفَّارَة إِذْ لَا شكّ أَن الشُّبْهَة أدنى من الْحجَّة فنفي كَونه حجَّة لَا يسْتَلْزم نفي كَونه شُبْهَة وَقد يُقَال لَا يكون الحَدِيث حجَّة مَعَ مُخَالفَة الْإِجْمَاع والعامي لَا يعرف ذَلِك فَلَا يكون الحَدِيث حجَّة فِي حَقه لَكِن يَدْفَعهُ أَنا قد فَرضنَا الْكَلَام فِيمَا إِذا أَخذ بِالْحَدِيثِ من يعْتد بِعِلْمِهِ وَلَا شكّ أَن أَخذه بِالْحَدِيثِ يتَضَمَّن نفي علمه بِإِجْمَاع سَابق على خلاف الحَدِيث وَقد فَرضنَا أَن علمه كَاف لَهُ فِي الْأَخْذ بِالْحَدِيثِ بَقِي أَنه يُمكن أَن يكون هُنَاكَ إِجْمَاع لَاحق على خِلَافه وَهُوَ ينْدَفع بِأَن يفْرض ذَلِك الْعَالم مِمَّن يمْنَع خِلَافه اتِّفَاقًا من انْعِقَاد إِجْمَاع لَاحق بِأَن يسْتَمر خِلَافه كالأئمة الْأَرْبَعَة ﵏ وَلَا يخفى أَنه لَا مَانع حِينَئِذٍ فِي حق هَذَا الْعَاميّ من الْعَمَل بِالْحَدِيثِ وَهُوَ حجَّة فِي نَفسه فَيَنْبَغِي أَن يجب عَلَيْهِ الْعَمَل بِهِ كَمَا وَجب على ذَلِك الْعَالم الَّذِي يعْتد بِعِلْمِهِ لظُهُور أَنَّهُمَا اسْتَويَا فِي فهم مَعْنَاهُ وَقد علم أَن فهم ذَلِك الْعَالم هُوَ منَاط التَّكْلِيف فِي حَقه فكونه لَا يكون مناطا فِي حق هَذَا الْعَاميّ مَعَ علمه بِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي كَانَ مناطا فِي حق ذَلِك الْعَالم وَمَعَ فرض أَنه لَا مَانع من نسخ أَو معَارض أَو إِجْمَاع يمْنَع الْعَمَل وَإِلَّا لما سَاغَ لذَلِك
1 / 59