وَفِي هَؤُلَاءِ وَمثلهمْ قَالَ الله ﷿ ﴿إِن شَرّ الدَّوَابّ عِنْد الله الصم الْبكم الَّذين لَا يعْقلُونَ﴾ وَقَالَ ﴿إِذْ تَبرأ الَّذين اتبعُوا من الَّذين اتبعُوا وَرَأَوا الْعَذَاب وتقطعت بهم الْأَسْبَاب وَقَالَ الَّذين اتبعُوا لَو أَن لنا كرة فنتبرأ مِنْهُم كَمَا تبرؤوا منا كَذَلِك يُرِيهم الله أَعْمَالهم حسرات عَلَيْهِم وَمَا هم بِخَارِجِينَ من النَّار﴾ وَقَالَ ﷿ عائبا لأهل الْكفْر وذاما لَهُم ﴿مَا هَذِه التماثيل الَّتِي أَنْتُم لَهَا عاكفون قَالُوا وجدنَا آبَاءَنَا لَهَا عابدين﴾ وَقَالَ ﴿إِنَّا أَطعْنَا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا﴾ وَمثل هَذَا فِي الْقُرْآن كثير من ذمّ تَقْلِيد الْآبَاء والرؤساء وَقد احْتج الْعلمَاء بِهَذِهِ الْآيَات فِي إبِْطَال التَّقْلِيد وَلم يمنعهُم كفر أُولَئِكَ من الِاحْتِجَاج بهَا لِأَن التَّشْبِيه لم يَقع من جِهَة كفر أَحدهمَا وإيمان الْأُخَر وَإِنَّمَا وَقع التَّشْبِيه بَين التقليدين بِغَيْر حجَّة للمقلد كَمَا لَو قلد رجل فَكفر وقلد آخر فأذنب وقلد آخر فِي مسئلة دُنْيَاهُ فَأَخْطَأَ وَجههَا كَانَ كل وَاحِد ملوما على التَّقْلِيد بِغَيْر حجَّة لِأَن كل ذَلِك تَقْلِيد يشبه بعضه بَعْضًا وَإِن اخْتلفت الآثام فِيهِ
وَقَالَ الله ﷿ ﴿وَمَا كَانَ الله ليضل قوما بعد إِذْ هدَاهُم حَتَّى يبين لَهُم مَا يَتَّقُونَ﴾ وَفِيمَا ذَكرْنَاهُ دَلِيل على بطلَان التَّقْلِيد فَإِذا بَطل وَجب التَّسْلِيم لِلْأُصُولِ الَّتِي يجب التَّسْلِيم لَهَا وَهِي الْكتاب وَالسّنة أَو مَا كَانَ فِي مَعْنَاهُمَا بِدَلِيل جَامع بَين ذَلِك انْتهى
وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ أخبرنَا أَبُو عبد الله الْحَافِظ ثَنَا أَبُو الْعَبَّاس مُحَمَّد بن يَعْقُوب ثَنَا الرّبيع بن سُلَيْمَان ثَنَا الشَّافِعِي قَالَ الْعلم من وَجْهَيْن يَعْنِي علم الشَّرِيعَة اتِّبَاع واستنباط فالاتباع اتِّبَاع كتاب الله فَإِن لم يكن فِيهِ فَسنة فَإِن لم يكن فَقَوْل عَامَّة من سلفنا لَا نعلم لَهُ مُخَالفا فَإِن لم يكن فَقِيَاس على كتاب الله وَإِن لم يكن فَقِيَاس على سنة رَسُول الله ﷺ وَإِن لم يكن فَقِيَاس على عَامَّة من سلفنا لَا نخالف وَلَا يجوز القَوْل بِالْقِيَاسِ إِلَّا فِي هَذِه الْحَالة وَقيل الَّذِي يطْلب الْعلم وَلَا حجَّة لَهُ كَمثل حَاطِب اللَّيْل يحمل حزمة حطب وَفِيه أَفْعَى تلدغه وَلَا يدْرِي
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ بِسَنَدِهِ إِلَى ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله ﷺ فَمَا أُوتِيتُمْ من كتاب الله فَالْعَمَل بِهِ لَا عذر لأحد فِي تَركه فَإِن لم يكن فِي كتاب فَسنة مني مَاضِيَة فَإِن لم يكن سنة مني فَمَا قَالَ أَصْحَابِي إِن أَصْحَابِي بِمَنْزِلَة النُّجُوم من السَّمَاء فأيما أَخَذْتُم بِهِ اهْتَدَيْتُمْ وَاخْتِلَاف أَصْحَابِي لكم رَحْمَة قَالَ الْبَيْهَقِيّ هَذَا حَدِيث مَتنه مَشْهُورا وَأَسَانِيده ضَعِيفَة لم يثبت فِي هَذِه إِسْنَاد انْتهى
قَالَ ابْن عبد البر أخبرنَا عبد الوارث بن سُفْيَان ثَنَا قَاسم بن أصبغ ثَنَا أَبُو بكر عبد الله بن عَمْرو بن مُحَمَّد العثماني بِالْمَدِينَةِ ثَنَا عبد الله بن مُسلم ثَنَا كثير بن عبد الله بن عَمْرو بن عَوْف الْمُزنِيّ عَن أَبِيه عَن جده قَالَ سَمِعت رَسُول الله ﷺ يَقُول إِنِّي لأخاف على من بعدِي من أَعمال ثَلَاثَة قَالَ وَمَا هِيَ يَا رَسُول الله قَالَ أَخَاف عَلَيْهِم من زلَّة الْعَالم وَمن حكم جَائِر وَمن
1 / 35