Diffusion de la calligraphie arabe : dans le monde oriental et occidental
انتشار الخط العربي: في العالم الشرقي والعالم الغربي
Genres
أخرى معدومة في العربية تقتضيها طبيعة لغاتهم؛ ولهذا كان من الضروري لنا أن نذكر هذه الأحرف عند ذكر لغاتها؛ لأنها تكون بمثابة تكملة لحروف الهجاء العربي عندهم. (5) النقط والحركات في الخط العربي (5-1) الحركات
لما اقتبس العرب الخط من الأنباط والسريان كان خاليا من الحركات والإعجام، فالحركات فيه حادثة في الإسلام، والمشهور أن أول من وضعها أبو الأسود الدؤلي المتوفى سنة 69ه لما كثر اللحن في الكلام؛ لاختلاط العرب بالأعاجم في صدر الإسلام، فكانت الحركات إذ ذاك نقطا يميزون بها الضم والفتح والكسر، فكانت النقطة فوق الحرف دليلا على الفتح، وإلى جانبه دليلا على الضم، وتحته دليلا على الكسر، ولم تشتهر طريقة أبي الأسود هذه إلا في المصاحف، حرصا على إعراب القرآن، أما الكتب العادية فكانوا يفضلون ترك الحركات والنقط فيها؛ لأن المكتوب إليهم كانوا يعدون ذلك تجهيلا لهم، قال بعضهم: «شكل الكتاب سوء ظن بالمكتوب إليه.»
أما استبدال النقط بالحركات الحديثة، فالغالب أنه حدث تنويعا للحركات عن النقط التي يميزون بها الباء عن التاء خوفا من الالتباس، فالحركات الحديثة وضعت بعد ذلك لتقوم مقام حروف العلة؛ لمشابهة الحركات لها، فجعلوا للضمة التي يشبه لفظها الواو علامة تشبه الواو، والتي يشبه لفظها الألف وهي الفتحة علامة تشبه الألف لكنها مستقيمة، ومثلها للكسرة من تحت، وهكذا.
10 (5-2) الإعجام وضبط الحروف العربية
أما الإعجام أو النقط فيظن أنها كانت موجودة في بعض الحروف قبل الإسلام وتنوسيت، ولكن المشهور أن اختراعها كان في زمن عبد الملك بن مروان، وذلك أنه لما كثر التصحيف، خصوصا في العراق، والتبست القراءة على الناس، لتكاثر الأعاجم من القراء، والعربية ليست لغتهم، فصعب عليهم التمييز بين الأحرف المتشابهة، ففزع الحجاج إلى كتابه، وسألهم أن يضعوا لهذه الأحرف المتشابهة علامات، ودعا نصر بن عاصم الليثي ويحيى بن يعمر العدواني (تلميذي أبي الأسود) لهذا الأمر، فوضعا النقط أو الإعجام أزواجا وأفرادا، بعضها فوق الحروف، وبعضها تحتها، وسمي الإعجام إعجاما لأن الإعجام في المعنى الأصلي هو التكلم على طريقة الأعاجم، كما أن الإعراب هو التكلم على طريقة العرب، وكان الجمهور يكره - كما قلنا - الإعجام والحركات في الكتابة وينفر منهما، ولكن الناس رجعوا بعد ذلك عن هذا الرأي حتى كانوا يعدون إهمال الإعجام خطأ في الكتابة، واستمر الأمر على اتباع هذا الإعجام إلى الآن. (5-3) الكتابة واتجاه السطور فيها
لم يتقرر لاتجاه السطور في الكتابة نظام إلا بعد ترقيها؛ ولذلك كانت الكتابة يدونها الأولون أنى اتفق، لا يراعون لها نظاما في اتجاه سطورها، كما كان عند قدماء اليونان، فإنهم كانوا يكتبون تارة من اليسار إلى اليمين، وطورا من اليمين إلى اليسار، وأحيانا يجمعون بينهما.
فلما ترقت الكتابة وتقرر نظامها عند الأمم، اتخذت كل أمة منها طريقا مخصوصا في كيفية سيرها: فأهل الصين وأتباعهم صاروا يكتبون من الأعلى إلى الأسفل ومن اليمين إلى اليسار على الخط الرأسي؛ ولذلك سميت كتابتهم «بالمشجر»، ولهم في ذلك اعتقاد خاص؛ حيث يعتقدون أن الله - سبحانه وتعالى - موجود في السماء العليا، فكل شيء لا بد وأن يأتيهم من جهته؛ ولذلك صاروا يكتبون من أعلى إلى أسفل.
وأهل أوروبا صاروا يكتبون من اليسار إلى اليمين؛ لكون الدورة الدموية تبتدئ من القلب الموجود في الجهة اليسرى، والقلب في بعض الروايات مركز العقل، فوجب أن تكون الكتابة من الجهة المقابلة للعقل الذي يستمد منه البنان؛ فلذلك صاروا يكتبون من اليسار إلى اليمين.
أما العرب والسريان وغيرهم من الأمم السامية فصاروا يكتبون من اليمين إلى اليسار بالنسبة لكون الطبيعة قضت بأن كل شيء لا يعمله الإنسان إلا بيده اليمنى، كما وأنه لا ينتقل من جهة إلى أخرى إلا بالرجل اليمنى، فلذلك صاروا يكتبون من اليمين إلى اليسار.
11
Page inconnue