والثاني: أن أعمال العباد تسمى شيئًا لقوله تعالى: ﴿لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا﴾ (^١)، و﴿جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا﴾ (^٢)، و﴿شَيْئًا إِمْرًا﴾ (^٣) وقوله تعالى: ﴿وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ﴾ (^٤)، وأعمال العباد محصاة، وإذا سميت أشياء كانت داخلة في عموم الأشياء التي امتدح الله بخلقها ولا يخرج شيء عما مدح به نفسه.
والثالث: أن أفعالهم صفات لهم كألوانهم، فلما كانت ألوانهم خلقًا لله كانت أفعالهم خلقًا له (^٥)، وأما قوله إن أفعال العباد وإن كانت أشياء فإنها مخصوص كما خصصنا ذاته وصفاته، قلنا عن ذلك أجوبة:
أحدها: أن نقول له: جمعت بين الله وبين صفات الخلق في نفي الخلق عنها من غير علة جامعة بينهما وهذا لا يجوز.
(^١) الكهف آية (٧٤).
(^٢) مريم آية (٨٩).
(^٣) الكهف آية (٧١).
(^٤) يس آية (١٢).
(^٥) أشار إلى هذا ابن القيم ﵀ وعقد له بابًا في شفاء العليل فقال: "الباب السادس عشر (فيما جاء في السنة من تفرد الرب تعالى بخلق أعمال العباد كما هو متفرد بخلق ذواتهم وصفاتهم). شفاء العليل ص ١٠٩.