في هذه الفقرة الثانية من الفقرات الثلاث الخاصة بالحديث عن منهج الكتاب.. نخلص إلى المبادئ والأصول العامة لمنهج الكتاب، أو منهج المؤلف في هذا الكتاب، وهي لا شك تعم كل مؤلفاته في هذا الموضوع، ولكنا نسبناها إلى (الانتصار) لسببين:
أولهما: أنه موضوع هذا الحديث الذي يهمنا هنا، عن منهجه.
ثانيهما: أن منهج المؤلف في (الانتصار) أوسع وأوضح وأشمل وأكمل، وفيه الإضافات والجدة والريادة والتميز عن سواه، وبالتالي فإن مبادئ وأصول منهج المؤلف هنا، أكثر ظهورا وشمولا، وأشمل ظهورا وكثرة، ثم إن نسبة المبادئ والأصول إلى هذا الكتاب من كتب المؤلف، هي نسبة اشتراك وعموم لا نسبة تغاير وحصر. ثم من جانب آخر، فإن مبادئ وأصول المؤلف في منهج كتابه وكتبه، ليست مبادئ وأصولا خاصة به ومقصورة عليه، بل إن من المقطوع به سلفا أنه يلتقي في كلها أو جلها مع أعلام مدرسته الذين توارثوا العلم حتى أوصلوه إليه، ومع غيرهم من نظرائه وزملائه، ومع أعلام الفكر الإسلامي عموما، ثم مع تلامذته ودارسي فكره، ومؤلفاته والمتأثرين بآرائه ومنهجه، ويظل مع كل ذلك محتفظا بما له من قصب السبق وحق الريادة، وجديد ما أضافه وإبداع ما تميز به بحثه وأوصله إليه اجتهاده، وهو الجانب الذي نركز فيه على أبرز مبادئ وأصول منهجه في (الانتصار).
وكما أن الحديث عن مبادئ وأصول منهج (الانتصار )، لا بد أن يكون في جوانب منه حديثا عن منهج المؤلف عموما، فإن الحديث عن منهج المؤلف من حيث مبادئه وأصوله، لا بد وأن يكون كذلك حديثا في بعض جوانبه عن منهج الفكر أو الفقه الزيدي في اليمن، لعمومية وتداخل هذه المبادئ والأصول فيما بينها متفرقة ومجتمعة، وهذا الترابط أو التداخل يفرض شيئا من الإشارة إلى المبادئ والأصول المنهجية العامة في فكر المدرسة الزيدية، لتكون شبه مدخل للحديث الذي قد يظهر بدونها مبتورا وذلك بالقدر الذي يهمنا هنا، من هذه المبادئ والأصول العامة، ونركز في مبادئ عامة ثلاثة تميز المدرسة الزيدية.
1- الأول: وحدة المبدأ في (علم الأصول):
يجمع أئمة وعلماء الزيدية، على مبدأ واحد في علم الأصول (أصول الدين) ويمثل اتفاقهم على كل مسائله (الإلهية) اتفاقا متطابقا لا يكاد يوجد بينهم خلاف في أية واحدة من مسائل الأصول الأساسية، مثل: مسائل العدل والتوحيد، والوعد والوعيد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
Page 75