أولها: تكثر كلمة (المذهب) في كتب الفقه الزيدي، ويكاد ذكرها ينحصر في جمل وصيغ محددة، يأتي كل منها بحسب المواقع والمواضع والحالات وسياق المعاني، مثل: (رأي المذهب) و(على قاعدة المذهب) و(به قال أهل المذهب) و(نقله للمذهب) و(رواه أو أخرجه للمذهب)...إلخ. وله مصطلح رمزي، يمثل اختصارا للكلمة في حرفي (هب) مع نقطة فوق حرف الباء الموحدة ضمن الرمز، ويكتفى في كتابة المخطوطة بحرف الهاء ممدودة إلى اليسار (ه) ويعني وجود هذا الرمز فوق المسألة أو الرأي، أنه على رأي (المذهب). ويكثر وجود المصطلح الرمزي هذا في أشهر كتب الفقه الزيدي، مثل: (شرح الأزهار). ويرادفه في حواشي الكتب المطبوعة رمز (قرز) وهي حروف القاف والراء مكررا، والنقطة فوق الأخيرة منها علامة (المذهب).
ثانيها: أن (المذهب) يمكن القول بأنه ذو دلالتين: عامة وخاصة. فالعامة تعني: أنه يمثل المذهب الزيدي في مجمله وعمومه، والخاصة لا تعني ذلك، إذا كان القصد بها أنه يوافق في كل مسائله آراء كل عالم من علماء الزيدية، أو حتى بعضهم، أو واحدا منهم.
ثالثها: ويوضح ما قد يكون ظهر من لبس في الجانبين السالفين نتيجة التركيز ربما.. أن (المذهب) يعني قواعد وأسسا وأصولا عامة، تجتمع عليها آراء أئمة وعلماء الزيدية تم وضعها لتؤدي غرضين أساسين:
أحدهما: أن تكون محاورا للرأي، ومعيارا لمدى موافقته للمذهب في أية مسألة، ثم تتفرع وتتسع الآراء، وتتشعب في اتجاه تلك القواعد والأصول الثابتة، هذه هي القضية المبدئية الأولى. ثم تأتي قضية اختيار رأي المذهب في وسط الآراء والخيارات والأقوال المختلفة في المسألة الواحدة. وهنا.. يمكن القول بأن هناك شبه اتفاق بين علماء الزيدية في مختلف العصور وتتالي أجيال أعلامها.. بأن يتم اختيار رأي المذهب من بين الآراء المختلفة طبقا لمبادئ أو أسس ثانوية محددة تقريبا، منها على سبيل المثال:
- الأخذ بالأحوط، فالإختلاف مثلا بين العلماء في المضمضة والاستنشاق بين من يقول بوجوبها بوصفها من أعضاء الوضوء استنادا إلى فعل الرسول (عليه وآله الصلاة والسلام) ومن يقول: بأنها سنة استنادا إلى عدم تضمن آية الوضوء لها، فالمختار للمذهب يؤخذ فيه الأحوط، وهو الوجوب باعتبارهما من غسل الوجه.
- أقرب الآراء إلى تطبيق الدليل والعمل به أكثر.
- أرجح الأقوال وأكثرها اتفاقا في المسألة.
ومثل هذه المبادئ ليست قواعد مطردة في كل الأحوال، بل يدخل عليها الترجيح بين المبدأ وما يقابله، فيرجح مثلا، أيسر وأسهل الآراء تناولا أو أداء أو إلزاما أو تسامحا على مقابله الذي قد يكون القائلون به أكثر.
Page 66