401

Intisar

الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197

Régions
Yémen
Empires
Rasoulides

قالوا: لو صارت العذرة والميتة وسائر النجاسات طاهرة بالإحراق للزم أن تكون النار مطهرة؛ لأنها هي السبب في الإحراق، فكان يلزم على هذا أن البول لو وقع في آنية الفخار وأدخل النار أن يطهر من غير غسل وهذا لا قائل به؛ لأنه لم يتجدد فيه إلا الحرارة فيلزم على هذا أن يطهر بوضعه في الشمس وهو محال.

قلنا: هذا فاسد، فإنا لم نقل: إن النار مطهرة بنفسها فيلزم ما قلتموه، وإنما قلنا: إن العذرة تطهر بالاحتراق، والاحتراق حاصل عن النار، فالتطهير حاصل عن(¬1) النار لا بها فأين أحدهما عن الآخر؟ وأيضا فإن التطهير حاصل بالاستحالة، وما ذكرتموه ليس من باب الاستحالة في شيء، وإنما هو جفاف، والبول لا يطهر بالجفاف، وكلامنا إنما هو في الاستحالة فافترقا.

قالوا: تطهير فلا يقع إلا بمائع كالوضوء والغسل.

قلنا: هذا فاسد لأمرين:

أما أولا: فهذا منقوض بالتيمم والاستجمار؛ فإنهما يطهران وليسا بمائع، وإنما حصلا بجامد، وهو التراب والحجارة.

وأما ثانيا: فلأن المعنى في الأصل إنما وجب(¬2) بالماء لما كان المقصود بهما(¬3) تأدية العبادة، بخلاف طهارة العذرة والميتة بالإحراق فإنهما لا تؤدى بهما عبادة فلهذا طهرا بالإحتراق من غير ماء فافترقا.

مسألة: الأرض إذا أصابتها نجاسة من بول أو عذرة أو غير ذلك من سائر النجاسات، هل تطهر بطلوع الشمس وهبوب الريح أم لا تطهر إلا بالغسل؟ فيه مذهبان:

المذهب الأول: أنها لا تطهر إلا بالغسل، وهذا هو رأي أئمة العترة، وهو قول الشافعي في الجديد، ومحكي عن مالك، وزفر.

Page 408