386

Intisar

الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197

الحجة الثانية: قياسية، وحاصلها أنا نقول: طعام استحال في المعدة إلى نتن وفساد فكان قليله مثل كثيره في النجاسة كالعذرة.

المذهب الثاني: أن قليله مخالف لكثيره، فالكثير منه نجس وقليله غير نجس، وحد القليل ما كان دون ملء الفم وهي الدسعة الواحدة، فما كان دونها فهو طاهر وما جاوزها فهو نجس، وهذا هو الذي حصله السيدان: أبوالعباس وأبوطالب، لمذهب الهادي والقاسم، وهو الظاهر من مذهب المؤيد بالله.

والحجة على ذلك: هو أنه خارج من أعماق البدن، فوجب أن يكون قليله مخالفا لكثيره كالدم.

الحجة الثانية: هي أن الدم والقيء متفقان في الحكم، من جهة أن كل من قال: إن كثير الدم ناقض للوضوء، قال: إن كثير القيء ناقض له، ومن قال: بأن كثير الدم غير ناقض، قال: إن كثير القيء غير ناقض، فإذا كانا مستويين فيما ذكرناه وجب استواؤهما في العفو عن قليل القيء كما عفي عن قليل الدم، وفي ذلك ما نريده من مخالفة قليله لكثيره.

والمختار: ما قاله الإمام زيد بن علي ومن وافقه من علماء الأمة، لما حكيناه من الاستدلال لهم ونزيد هاهنا حجتين:

الحجة الأولى: أن تعويلهم في التفرقة بين قليله وكثيره إنما هو على الأقيسة المعنوية من جهة القائس، وما ذكرناه من التسوية بينهما إنما هو تعويل على الظواهر الشرعية من جهة صاحب الشريعة، ولا شك أن ما كان من جهة الشارع، فإنه لا يساوي ما كان من جهة القائس، فإن الشارع معصوم عن الخطأ، والقائس ليس معصوما عن الخطأ، فلا جرم كان التعويل على كلام الشارع أولى وأحق من غيره.

Page 393