351

Intisar

الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197

أحدهما: أنها تكون نجسة؛ لأنها رطوبة خارجة من مخرج الحدث فأشبهت البول.

وثانيهما: أنها تكون طاهرة؛ لأنها بلة لا ريح لها فأشبهت العرق.

والمختار: طهارتها من أجل رقتها وصفائها وعدم تغيرها فهي بالريق والعرق أشبه، ولأنها من فضلات البدن لا يلحقها تغير فأشبهت الدمع.

الفرع الرابع: العلقة والمضغة هل يكونان طاهرين أم لا؟ فيهما وجهان:

أحدهما: أنهما طاهران؛ لأنهما دمان غير مسفوحين فأشبها الكبد والطحال.

وثانيهما: أنهما دم خارج من الرحم فهما كالحيض والاستحاضة.

والمختار: هو الأول، لأنهما قد خرجا عن صفة الدم، ولأنهما أحد أطوار الخلقة الآدمية فصارا كالعظم واللحم.

والمشيمة، وهي التي تكون وعاء للولد في بطن أمه، نجسة إذا انفصلت لقوله عليه السلام: (( ما أبين من الحي فهو ميت)).

والدم الذي ينعقد على رأس الجرح طاهر؛ لأنه قد صار لتصلبه من جملة الجلد، ولو قطع لتألم الحي؛ لأنه لاتصاله به أجري مجراه.

والدم الذي يبقى في العروق بعد ذبح البهائم طاهر يؤكل مع اللحم والمرق لاتصاله به، فعفي عنه لما تعذر الاحتراز منه.

والماء الأصفر الخارج من الأنف طاهر؛ لأنه ليس دما فلهذا لم يكن نجسا كالدم.

الفرع الخامس: لما كان الدم معظم البلوى فيه لكثرة معالجته وعلاجه في بني آدم والبهائم وسائر الحشرات، لا جرم خفف الشرع حكمه، وعفي عن قليله، وكان يجري الرخصة فيه لما ذكرناه، ويؤيد ذلك قوله تعالى: {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر}[البقرة:185]. وقوله تعالى: {وما جعل عليكم في الدين من حرج}[الحج:78].

Page 357