321

Intisar

الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197

وأما غير النفيس، فينظر فيه، فإن كانت صيغة نفيسة كالآنية المخروطة من الزجاج، والخشب، وأواني الصفر المنقوش، فهل يجوز استعمالها أم لا؟ فيه الوجهان اللذان ذكرناهما في الأحجار النفيسة.

وإن كانت صيغتها غير نفيسة، أو كان ذلك متخذا من المدر جاز استعمالها واتخاذها إذا لا سرف فيها ولا خيلاء.

فأما الآنية المتخذة من العنبر والكافور والعود الرطب، ففيها الوجهان اللذان ذكرناهما في الياقوت والزمرد.

وإذا قلنا بتحريم استعمالها فهل يجوز اقتناؤها أم لا؟

والمختار: أنه لا يجوز لما فيها من الفخر والخيلاء والسرف، وكل هذه الأمور منهي عنها، فلهذا كان مكروها حراما؛ لأن أصحابها والمقتنين لها ينسبون إلى التكبر والفخر والخيلاء فلهذا منع.

ويكره استعمال الآنية من النحاس والرصاص المطعمة بالذهب والفضة والمموهة بهما، والتوضؤ فيها كالإبريق، والطشت، والدواة، والمكحلة، وغير ذلك من الآلات، لما في استعمالها من الفخر والخيلاء، والتشبه بالأعاجم، والذهب أشد كراهة من الفضة، لما روي عن النبي أنه قال في الذهب والحرير: (( هذان حرامان على ذكور أمتي حل لإناثها))(¬1). والتنزه عن جميع ذلك أفضل لقوله عليه السلام: (( دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)). ولأن أدنى ذلك الوقوع فيما كره الله ورسوله، وأعلاه الوقوع فيما حرم الله ورسوله، فلا حاجة إلى ما هذا حاله، ولقوله عليه السلام: (( من يرتع حول الحمى يوشك أن يقع فيه))(¬2).

ويكره التوضؤ من الإناء المضبب بالذهب؛ لأن الضبة تكون على شرف الإناء وربما شرب منها فيكون شاربا في آنية الذهب، ويكره التوضؤ منه لما فيه من استعماله آنية الذهب.

فإن دعت الضرورة إلى استعماله جاز ذلك، لما روي أن عرفجة بن أسعد (¬3) أصيب أنفه يوم الكلاب، بضم الكاف مخففا، يوم كان للعرب، وهو ما وقعت فيه حرب عظيمة، فاتخذ أنفا من فضة فأنتن عليه، (( فأمره الرسول أن يتخذ أنفا من ذهب))(¬1).

Page 327