Intisar
الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197
Genres
وإن قام من النوم فغسل يده في ماء قليل فهل يصير الماء مستعملا أم لا؟ والأقرب أنه يصير مستعملا على رأي أصحابنا، وهو أحد قولي الشافعي، وله قول آخر: أنه لا يصير مستعملا.
والحجة على ذلك: هو أن غسلهما قد تعلقت به القربة فلهذا كان مستعملا كالوضوء للنافلة.
وإن غسل رأسه مكان المسح فهل يصير الماء مستعملا أم لا؟ والأقرب أنه يصير مستعملا من جهة أن هذا قد تعلقت القربة في تأدية وظيفة مسح الرأس من جهة أن الغسل معظم(¬1) المسح كما أن المسح خفيف الغسل.
التفريع الخامس: إذا توضأ الحنفي أو اغتسل للجنابة بماء قليل، فهل يصير الماء مستعملا بوضوئه أو غسله أم لا؟ من جهة أنه لم يقصد بالوضوء والغسل قربة، إذ لا يعتبر النية في الطهارات ولا يشترطها. فيه على المذهب احتمالات ثلاثة:
أولها: أنه لا يصير مستعملا بحال؛ لأنه يتوضأ من غير نية، والماء إنما يصير مستعملا بالنية، وإن أتى بالنية فإنه يعتقد أنها غير واجبة عنده فلهذا لم يزل الماء عن حكمه في التطهير.
وثانيها: أنه يصير مستعملا بكل حال وإن لم ينو الطهارة به؛ لأنا نحكم بصحة صلاته لا محالة، ولهذا فإنا لا نوجب عليه قضاءها ولا يحكم بفسقه ولا يباح قتله. ولو كانت صلاته غير صحيحة لكان بمنزلة من لم يصل أو بمنزلة من صلى بغير طهارة، في مؤاخذته بهذه الأحكام، وهذا لا قائل به، فلما حكمنا بصحة صلاته دل على كون الماء مستعملا بوضوئه وغسله، كغيره ممن يوجب النية في الوضوء والغسل.
وثالثها: أنه ينظر في حاله، فإن نوى به الطهارة كان مستعملا؛ لأنه قد ارتفع به حدثه، وإن لم ينو به الطهارة لم يصر مستعملا، كما لو توضأ به الشافعي من غير نية.
Page 255