Intisar
الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197
Genres
وقد حكي عن بعض الفقهاء أنه إذا حمل على الماء على جهة القصد فتغير به أنه لا يجوز التطهر به، وهذا لا وجه له لما ذكرناه من عادة السلف؛ ولأن اتصاله إنما يكون على جهة المجاورة دون المخالطة ولهذا فإنه يرسب في القرار ويصفو الماء عليه.
والمختار: هو الأول من قول العترة وفقهاء الأمة؛ لأن التراب طهور في نفسه، لقوله : (( جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا)) (¬1). فاتصاله بالماء إن لم يزده قوة في التطهير لم يزده ضعفا.
وإن تغير الماء بطول المكث فهو طاهر مطهر، هذا هو قول أئمة العترة وفقهاء الأمة ، ولا يعرف فيه خلاف.
ووجهه: هو أن الماء باق على أصل التطهير والطهارة في نفسه ولم يعترض له ما يخرجه عن ذلك بمخالطة ولا ممازجة يغير حكمه، فلهذا وجب الحكم عليه بما ذكرناه من الطهارة.
مسألة: وإن تناثرت أوراق الشجر في الماء فتغير بها بعض أوصافه، ففيه مذاهب ثلاثة:
أحدها: أنه تصح الطهارة به، وهذا هو الذي رواه الفقيه محمد بن منصور الكوفي (¬2) عن السلف، وارتضاه الإمام أبوطالب وهو أحد أقوال الشافعي.
والحجة على هذا: أن الأوراق [هي] مما لا يمكن صون الماء عنها ويتعذر الاحتراز منها، فجرت مجرى أصول الأشجار والطحلب وغيره مما لا يمكن صون الماء عنه، ومما يكون في مقره وممره.
الثاني: أنه لا يصح التطهر به، وهذا هو الذي ذكره السيد المؤيد بالله وعول عليه الأكثر من أصحابنا، وأحد أقوال الشافعي .
والحجة على هذا: هو أن ما هذا حاله مانع طاهر اختلط به فمنع كونه طهورا كما لو خالطه الأشنان والصابون، وهذا إذا كانت مما ينعصر في الماء لرطوبتها، فإنها تكون مانعة، فإن كانت مما لا ينعصر كاليابسة لم يمنع التطهر به.
Page 207