359

L'Intisar pour les gens de la tradition

الانتصار لأهل الأثر = نقض المنطق - ط عالم الفوائد

Enquêteur

عبد الرحمن بن حسن قائد

Maison d'édition

دار عطاءات العلم (الرياض)

Édition

الثالثة

Année de publication

١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

Lieu d'édition

دار ابن حزم (بيروت)

Genres

فكان (^١) القائلُ بأن الحدود هي التي تفيدُ تصوُّرَ الحقائق قائلًا للباطل المعلوم بالحسِّ الباطن والظاهر.
الخامس: أن الحدود إنما هي أقوالٌ كُلِّية، كقولنا: حيوانٌ ناطق، ولفظٌ يدلُّ على معنى، ونحو ذلك، فتصوُّر معناها لا يمنعُ من وقوع الشَّرِكة فيها، وإن كانت الشَّركةُ ممتنعةً لسببٍ آخر فهي إذن لا تدلُّ على حقيقةٍ معينةٍ بخصوصها، وإنما تدلُّ على معنًى كُلِّي، والمعاني الكُلِّية وجودُها في الذهن لا في الخارج، فما في الخارج لا يتعيَّن ويُعْرَفُ بمجرَّد الحد، وما في الذهن ليس هو حقائق الأشياء، فالحدُّ لا يفيدُ تصوُّر حقيقةٍ أصلًا.
السادس: أن الحدَّ من باب الألفاظ، واللفظُ لا يدلُّ المستمعَ على معناه إن لم يكن قد تصوَّر مفرداتِ اللفظ بغير اللفظ؛ لأن اللفظَ المفرد لا يدلُّ المستمعَ على معناه إن لم يَعْلَم أن اللفظ موضوعٌ للمعنى، ولا يَعْرِفُ ذلك حتى يَعْرِفَ المعنى. فتصوُّر المعاني المفردة يجبُ أن يكون سابقًا على فهم المراد بالألفاظ، فلو استُفِيد تصوُّرها من الألفاظ لَزِم الدَّور، وهذا أمرٌ محسوس؛ فإن المتكلِّم باللفظ المفرد إن لم يبيِّن للمستمع معناه حتى يدركه بحسِّه أو بنظره وإلا لم يتصوَّر إدراكه له بقولٍ مؤلَّفٍ من جنسٍ وفصل.
السابع: أن الحدَّ هو الفصلُ والتمييزُ بين المحدود وغيره، فيفيدُ ما تفيدُه الأسماء من التمييز والفصل بين المسمَّى وبين غيره، فهذا لا ريبَ فيه أنها تفيدُ التمييز، فأما تصوُّر حقيقةٍ فلا، لكنها قد تفصِّلُ ما دلَّ عليه الاسم

(^١). الأصل: «فان». (ط): «فإذن». (ف): «فإذا». والمثبت أشبه.

1 / 310