La régression des musulmans vers le paganisme : le diagnostic avant la réforme

Sayyid Qimni d. 1443 AH
152

La régression des musulmans vers le paganisme : le diagnostic avant la réforme

انتكاسة المسلمين إلى الوثنية: التشخيص قبل الإصلاح

Genres

لذلك أقول إن باراك يفهمنا جيدا لذلك لبس لنا ثوب الواعظ الشيخ باراك بن حسين آل أوباما حفظه الله ورعاه هو ومن يلوذ به، ليعلن كيف يعرف لغونا وكيف يلغو لغونا بما حمله لخطابه من دلالات نعرفها ولا نعرف غيرها، وجاءت أمنيتي بفهم الغرب لنا، بعكس الهدف المرتجى منها، فها قد جاء من يعرفنا ويفهمنا وعاش وسطنا وجيناته من جيناتنا، ويعرف كيف نفكر وما هي ردود أفعالنا، ولكن ليس من أجل خلاص شعوبنا مما هي فيه من تخلف وجهل ومرض وفساد اجتماعي معمم وحكومي علني واستبداد وقمع واستعباد، كلا الرجل ليس مشغولا بهذا بالمرة، إنه لم يأت ليخلصنا، لكنه جاء مخلصا لأمريكا من عثرتها في بلادنا ولتحييد شرنا عنها، بتكاليف أقل من تكاليف طريقة الحزب الجمهوري الأمريكي بما لا يقارن، وفي وقت تستفحل فيه الأزمة الاقتصادية العالمية.

لطفاء القوم من مشايخ الفضائيات التي تمطرنا مشايخ، تفاءل بعضهم بأصول أوباما الإسلامية وأنه ربما يقود شعبه الأمريكي إلى الإسلام لنعود هم ونحن بنعمة الله إخوانا، وتحل المشكلة بسيادة الإسلام للعالمين كشيخ القبيلة تتبعه قبيلته، أو بما يشبه عزة الإسلام بأحد العمرين.

هذا بينما كنت في تفاؤلي أرتجي أن يشارك ذلك الغرب المتقدم الحر العلمانيين العرب في البحث ووضع الخطط العلمية المدروسة على المستوى العلمي والثقافي والإعلامي والتعليمي وحده، لإحداث هذا التقارب مع ضغوط تقوم بها مؤسسات الحريات والمجتمع المدني الدولية على الحكومات المحلية كلما وقعت مخالفات في بلادنا للحقوق الإنسانية، وللنهوض التنموي بالمنطقة، للانتقال الهادئ والسلمي ببلادنا إلى مجتمع كامل المدنية، فإذا بأوباما يستخدم معرفته بنا لتكريس الأوضاع القائمة، وإعطائها شرعية استمرارها كما هي، بموافقتنا ورضانا بعدد مرات التصفيق في القاعة. هذا إذا تذكرنا أنه لم يخاطب المسلمين من دولة مسلمة خالصة الإسلام كالسعودية، ولا من دولة مسلمة ديمقراطية مثل موطنه الثاني إندونيسيا أو جارتها ماليزيا، لكنة اختار القاهرة التي يحكمها نظام شبه مدني جذوره وتوجهاته دينية دوما وقومية أحيانا.

لوحظ أيضا ولع الشباب العربي والمسلم بأوباما وبخطابه، وقد فطن أوباما لذلك وأعلن الشباب هما أول له، مع زيارته الشبابية المرحة المتواضعة للأهرامات؛ مما أدى للولع بالنموذج الأمريكي، وهذا في حد ذاته أمر محمود أن يكون رجل ناجح مثل أوباما مثلا أعلى لشبابنا. وهو ما سيؤدي لمحاولة التعرف على النموذج الغربي، ومن جانبه تمكن حسين أوباما من تألف قلب الشارع المسلم مع بعض المثقفين دون بعضهم، فقد اختلفوا حول هذا الخطاب وظروفه اختلافا بائنا؛ ومن ثم فإن أهم مكسب حققته هذه الزيارة لنا وللأمريكان هو إعادة النظر في كون أمريكا هي الطاغوت الأعظم الإمبريالي، وإعادة النظر في فرض كاد يكون إسلاميا ووطنيا، وهو كراهية أمريكا كفرض واجب دونه الخيانة والكفران.

ونموذجا لاختلاف المثقفين رأى الدكتور «مصطفى الفقي» أن اختيار أمريكا القاهرة للخطاب هو إقرار بمكانة وحجم مصر في المنطقة للدور الحضاري والتاريخي ومكانة الأزهر بين غالبية المسلمين في العالم، وكذلك السياسة المعتدلة التي تنتهجها القاهرة، وجعلت القاهرة تحظى بشرف هذه الزيارة، وهو الرأي الذي ردده كل من التيار الإسلامي والتيار القومي، «فهمي هويدي» نموذجا للتيار الإسلامي رأى أن خطاب أوباما ما هو إلا محاولة من النظام الأمريكي الجديد لمساندة حلفائه من دول الاعتدال في المنطقة ودعم أنظمتها، وأنه يريد الحصول على ماكياج من القاهرة للسياسة الأمريكية التي لا تتغير ثوابتها، بينما ترغب مصر في الحصول على دعم معنوي من أكبر قوة في العالم لكي تستطيع استعادة دورها وضمن ذلك الوريث القادم. ولك أن تعجب من مدى التوافق عندما نجد التيار القومي الناصري يردد المعاني نفسها، فيقول «عبد الله السناوي» إن رأيا مثل رأى الدكتور الفقي يخلط الأوراق بين مصر التاريخية ومصر الرسمية، وأوباما اختار مصر التاريخية ليتحدث من منصتها، دون أن يخطر بباله أن الثانية سوف تحاول دبلوماسيتها وإعلامها تسويق الزيارة باعتبارها فتحا لا مثيل له في التاريخ المصري، يؤكد شرعية النظام وسلامة اختياراته الداخلية، وأنه ليس هناك دولة تحترم نفسها تعتبر زيارة رئيس دولة أخرى مما يضفي شرعية على نظام الحكم فيها، أو يؤكد أدوارها في محيطها؛ فالشرعية مصدرها القبول العام والأدوار التي تصنعها السياسات وليس الادعاءات.

لاحظت أن المشترك الواضح في كل ردود الفعل قيامها على خلفية من المثل الشعبي المصري «أسمع كلامك أصدقك، أشوف عمايلك أستعجب!» مع حضور هذا المثل وتكراره في معظم ردود الفعل؛ فالمشترك توافق على سؤال لا جواب عنه على الأقل هذه الأيام وربما تجيب عليه الأيام القادمة، السؤال: هل يتحول هذا الكلام إلى فعل على أرض الواقع؟

الرجل يعرفنا جيدا ويعرف كيف نفكر؛ لذلك تابع رحلته من القاهرة إلى القارة الأوروبية ليعلي من رصيد الاهتمام بالدولة الفلسطينية المستقلة ووقف بناء المستوطنات، ليؤكد للمسلمين أنه صحب القول فورا ببدء الحشد من أجل الفعل بضغوط دولية على إسرائيل. •••

رد الفعل العربي كله كان قد ركز على إمكانات أوباما الضغط على إسرائيل، ووسط كل هذه الهموم القومية والدينية لم أصادف من تذكر وجوب الضغط على ماكينات فرز الإرهاب في قنواتنا الفضائية الإسلامية ومعاهدنا الدينية، لم يتكلم أحد عن الضغط لوقف العمل بأحكام إسلامية بحاجة لإعادة اجتهاد ونظر. كما في ميراث المرأة أو ولايتها على نفسها في أضعف الإيمان التي لا تملكها ولا على نفسها حسبما يدرس أزهرنا شبابنا في معاهده، ومن يزوجها هو وليها ولو كانت طفلة رضيعة، فإن زوجت نفسها بعد عقل ورشاد فهي زانية. لم أقرأ لأحد يتكلم عن ضغوط من أجل إيقاف العمل بعقيدة الولاء والبراء التي تترتب عليها أحكام هي الكراهية المطلقة للمختلف عنا وتصل إلى حد التخلص منه بقتله، وهي مشترك أصيل بين كل ما يدرسه أبناؤنا في معاهد الأزهر سواء في مواد الحديث أو الفقه أو التفسير، أو عقيدة الجهاد التي تعتبر غير المسلم مستباح الدم والعرض والمال، ولا ألمح أحدهم استجابة لليد الأمريكية الممدودة وعلى سبيل إثبات الجدية وحسن النيات إلى وجوب رفع المواد الدينية بالدستور، والتي تميز بين رعية هذا الدستور حسب معتقداتهم، ولا وجوب الضغط من أجل حقوق الإنسان التي يهددها أول ما يهددها الدستور نفسه في مادته الثانية مع قانون طوارئ أبدي.

لهذا كله وفي ظل المناخ الذي كان لا يزال ساخنا بعد خطاب أوباما مباشرة لم تفتني تصريحات «عصام دربالة» قيادي مجلس شورى الجماعة الإسلامية، ومطالبته حركة طالبان والقاعدة بالتعامل مع هذا الخطاب بشكل عملي حتى تغادر أمريكا المنطقة؟ (عايزين يستفردوا بينا). وأن خطوة البداية السليمة حتى يمكن هذا التعامل هي الإعلان الفوري التوقف عن استهداف أمريكا عسكريا، إن دربالة يعرف ما يقول، وهو ما أرى وراءه رؤية ثاقبة تنطوي على قراءة المستقبل المتوقع من هذا الخطاب التاريخي، فأمريكا ستتعامل مع الأنظمة القائمة أو مع أي بدائل حتى لو نقيضة تحل محلها، طالما الصداقة الأمريكية الإسلامية قائمة بما يحمي المصالح الأمريكية؛ وهكذا تكون ريمة - أقصد أمريكة - قد رجعت لعادتها القديمة. أما نحن شعوب هذه المنطقة فلسنا في الموضوع أصلا، نحن الفريسة ليس أكثر. حتى الصوت العلماني ممثلا في صديقي لورد العلمانيين العرب «طارق حجي» جاء يردد طلب الجميع بتفعيل الكلام، «وأن سمة خطاب أوباما كان التوازن في تناول كل موضوع: الإسلام، الصراع العربي الإسرائيلي، علاقة الولايات المتحدة بالعرب المسلمين، التعليم، المرأة، حقوق الإنسان، التنمية، إيران، القدس ...» نعم وصدقا كانت سمة الخطاب هي التوازن، لكنه توازن الرعب والفزع من الآتي على مستوى الشعوب، وليس على مستوى قضايا الأمة العزيزة قوميا ودينيا، فإني مطمئن أن السعي لتهدئة المشاعر وتصفية الخواطر على قضايانا العاطفية سيكون حثيثا فعلا، وهو ما سيرضي الشعوب الإسلامية والحكومات الإسلامية ويبقي الجميع في سمن على عسل. بدا لي صديقي طارق متفائلا بهذا الخطاب وتمنيت أن يكون تفاؤله محل نظر من القدر، وألا يكون المخبوء في رحم الأيام موجبا للتشاؤم، لأني شخصيا مصاب بالأسف على حلمنا بدولة مدنية حديثة، وأتوجس خيفة وأظن أن التوجه الأمريكي الجديد جاء قبل مجيء أوباما إلى الرئاسة بعد تجارب الصومال والأفغان والعراق بالذات، وهو الانعتاق من منطقتنا بأقل قدر من الخسائر مع ضمان المصالح الأمريكية، وجاء أوباما ليكرس الموقف الجديد وينفذه؛ وهو ما يعني أننا سنعاني أكثر من أجل الوصول إلى الحلم الليبرالي الذي يتسرب من بين أيدينا برئاسة أوباما واحتمال استمرار الخط ذاته من بعده، بعد رد فعلنا واستقبالنا لإسقاط طاغية العراق وإحقاق الحريات والحقوق في العراق وفي أفغانستان، بمذابح يذبح فيها بعضنا بعضا، وهو ما تكرر في الديمقراطية الفلسطينية والديمقراطية السودانية، والديمقراطية الأفغانية ... إلخ.

المصيبة ليس في الانسحاب العسكري فهو مطلوب لتهدئة التوتر، المصيبة في الانسحاب الكامل ونفض العالم الحر يديه منا يأسا من إمكانية قدرة شرقنا على قبول الحداثة، وهو ما يبدو لي أنه يحدث الآن، لتركنا في فوضانا الخلاقة حتى تصفي النار بعضها بعضا دون تدخل، فتكون بلادنا حلقة مصارعة حرة كبيرة يقتل فيها السني الشيعي، ويقتل الشيعي المسيحي، ويقتل المسيحي الأرثوذكسي المسيحي الإنجيلي، وتقتل الحكومات الجميع وقتما تشاء، حتى تصفو النار عن رماد خامد غير ضار، أو أن يخرج البعض من هذه المحرقة إنقاذا للبقية الباقية بعقد اجتماعي مدني جديد يسمح لنا باللحاق بركب الحداثة الإنسانية الذي غادرنا فعلا منذ عقود. •••

Page inconnue