75

Intercession in the Prophetic Traditions

الشفاعة في الحديث النبوي

Maison d'édition

دار الكتب العلمية

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٢٦ هـ - ٢٠٠٥ م

Lieu d'édition

بيروت - لبنان

Genres

وهنا يعترضنا إشكال: هو هل كان نوح ﵇ أول الرسل؟ وهل كان آدم وإدريس ﵉ رسولين؟. فأما كون نوح ﵇ أول رسول بالنسبة لآدم وإدريس فلا إشكال فيه، لأنهما قد يكونان نبيين، وان كان الإمام العيني جزم بأنهما رسولان (١). وإنما وجه الإشكال في كونه أول رسول بالنسبة للرسول محمد ﷺ فهو معارض بقوله ﷺ: «أعطيت خمسًا لم يعطهن أحد قبلي ... وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة». (٢)
هذا الإشكال أجاب عنه الحافظ إبن حجر بعد عرضه لاحتمالات التأويل فقال: «ولا يعترض بأن نوحًا ﵇ كان مبعوثًا إلى أهل الأرض بعد الطوفان لأنه لم يبق إلا من كان مؤمنًا معه وقد كان مرسلًا إليهم، لأن هذا العموم لم يكن في أصل بعثته وإنما اتفق بالحادث الذي وقع وهو انحصار الخلق من الموجودين بعد هلاك سائر الناس وأما نبينا ﷺ فعموم رسالته من أصل البعثة، فثبت اختصاصه بذلك.
وأما قول أهل الموقف لنوح كما صح في حديث الشفاعة: «أنت أول رسول إلى أهل الأرض» فليس المراد به عموم بعثته بل إثبات أولية ارساله وعلى تقدير أن يكون مرادًا فهو مخصوص بتنصيصه ﷾ في عدة ايات على أن ارسال نوح كان إلى قومه ولم يذكر انه ارسل إلى غيرهم (٣) قال تعالى: «إنّا أرسلنا نوحًا إلى قومه أن أنذِرْ قومَكْ ...» (٤) ويحتمل انه لم يكن في الأرض عند إرسال نوح إلا قومه (٥) ورجح هذا القول الأخير الشيخ عبد العزيز بن باز في تحقيقه للفتح (٦). وهو ما نراه -والله اعلم-.
وأما اعتذار سيدنا نوح ... وأنه كانت لي دعوى قد دعوت بها على قومي ... وقد جاء في الرواية الاخرى «ويذكر سؤال ربه ما ليس له به علم» (٧)، فهذان اعتذاران أحدهما «نهى الله تعالى له أن يسأل ما ليس له به علم فخشي أن تكون شفاعته لأهل الموقف من

(١) انظر عمدة القاري ٢٣/ ١٢٧.
(٢) انظر تخريجه برقم (٣٣).
(٣) فتح الباري ١/ ٥٧٥، وانظر نسيم الرياض، الخفاجي٢/ ٣٥٤.
(٤) نوح /١.
(٥) نقله إبن حجر عن إبن عطية صاحب التفسير، انظر فتح الباري ١/ ٥٧٦.
(٦) انظر هامش فتح الباري١/ ٥٧٦.
(٧) انظر فتح الباري ١١/ ٥٣٠

1 / 80