70

Intercession in the Prophetic Traditions

الشفاعة في الحديث النبوي

Maison d'édition

دار الكتب العلمية

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٢٦ هـ - ٢٠٠٥ م

Lieu d'édition

بيروت - لبنان

Genres

وأما الجزم بتحديد المكان الذي هو المقام المحمود فأنه امر غيبي، ولم يرد دليل قطعي به وإنما تكرر باكثر من مكان - وبينّا الاختلاف فيه - فعليه كل من حدد مكانه فانما هو على سبيل الاجتهاد لا على سبيل القطع والجزم - وعليه فلا أجزم به ولا ارى مسوغًا للجزم به -والله اعلم- وهذا لا يضر ما دام الاعتقاد بأصل المقام موجودًا، يقول الشيخ حوى:" ولا يكلف المسلم أن يعرف كيف يحمل كل نصٍّ من هذه النصوص على مقم بعينه بل يخشى عليه من الخطأ فيكيفه أن يعرف اصل المسألة مع التسليم والتفويض والجدّ والتشمير" (١).
النوع الثاني: شفاعة النبي ﷺ العظمى في فصل القضاء
ثبت بالمتواتر من الحديث عن النبي ﷺ شفاعته لأهل الموقف (٢). فقد جاءت عن اثني عشر صحابيًا بألفاظ متقاربة، وان إجماع أهل الحق معقود على شفاعة رسول الله ﷺ (٣).
وان أصرح الاحاديث الصحيحة التي تقرر شفاعته ﷺ بفصل القضاء هو ما اخرجه البخاري بسنده عن عبد الله إبن عمر ﵁: «أن الشمس تدنو يوم القيامة حتى يبلغ العرق نصف الاذن فبينما هم كذلك استغاثوا بآدم ثم بموسى ثم بمحمد فيشفع ليقضي بين الخلق فيمشي حتى يأخذ بحلقة الباب فيومئذٍ يبعثه الله مقامًا محمودًا يحمده أهل الجمع كلهم» (٤).
فهذا الحديث يثبت شفاعة الفصل بين العباد كغيره من الاحاديث الاخرى (٥) وهذه الشفاعة تكون بعد سجود النبي ﷺ لربه ليفصل في القضاء ولم أجد -في حدود اطلاعي- حديثًا واحدًا صحيحًا في أن النبي ﷺ بعد أن يخر ساجدًا ويقول يا رب امتي .. امتي .. أو ربي شفعني في امتي أو وعدك الذي وعدت "مثلًا" ولم اجد حديثًا: فيقول له الله جل

(١) الاساس في السنة، قسم العقائد ٣/ ١٣٠١.
(٢) أنظر لقط الآلي الزبيدي ٧٥/ ٧٨، ونظم المتناثر الكتاني ٢٤٥، وعون المعبود، العظيم ابادي ١٣/ ٧٢.
(٣) انظر شرح الفقة الاكبر لأبي حنيفة، بشرح السمرقندي ٩٠، والارشاد، الجويني ٣٩٣ - ٣٩٤، والحسنة السيئة، إبن تيمية ص١١٠، وفتح الباري، إبن حجر ١/ ٥٧٧، وجلاء العينين، إبن الآلوسي ص ٤٤٤.
(٤) انظر تخريجه برقم ... (٢١).
(٥) انظر الاحاديث برقم ... (١٠ - ١٢).

1 / 75