Insights into Islamic Culture

Omar Odeh Al-Khatib d. 1424 AH
71

Insights into Islamic Culture

لمحات في الثقافة الإسلامية

Maison d'édition

مؤسسة الرسالة

Numéro d'édition

الخامسة عشرة ١٤٢٥ هـ

Année de publication

٢٠٠٤ م

Genres

يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ ١. ففي هاتين الآيتين لفتة تربوية عالية تلح على الفاصل الكبير بين أسلوبين في الخطاب، بينهما في ظاهر اللفظ تشابه؛ لكنهما -في ظلالهما النفسية، وما تنم عنه من نوايا- مختلفان. وقصة ذلك: أن اليهود كانوا يعلنون من الكلام ما فيه تورية، لما يقصدون من التنقيص؛ فإذا أرادوا أن يقولوا: اسمع لنا؛ يقولوا: راعِنا، ويورّون بالرعونة كما قال تعالى: ﴿مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ ٢. وكذلك جاءت الأحاديث بالإخبار عنهم بأنهم كانوا إذا سلموا إنما يقولون: السام عليكم "والسام هو الموت". كما ورد أن بعض اليهود كان يأتي النبي ﷺ، فإذا لقيه فكلمه قال: أرعني سمعك واسمع غير مسمع. وقد حسب المسلمون أن الأنبياء كانت تفخم بمثل هذا الخطاب. فكان ناس منهم يقولون مثل هذا القول؛ فجاء النهي للمؤمنين عن التشبه باليهود في أقوالهم وأفعالهم، وكره الله للمسلمين أن يقولوا لنبيهم ﷺ: "راعنا"، وسقطت هذه الكلمة في ميدان التربية الإلهية؛ لا باعتبار حروفها وتركيبها؛ فهي كلمة عربية مثل غيرها من الكلمات؛ ولكن باعتبار صدورها عن اليهود الأشرار المفسدين. وفي هذا نهي قاطع

١ البقرة: "١٠٤-١٠٥". ٢ النساء: "٤٦".

1 / 80