Humanisme : Une très brève introduction
الإنسانوية: مقدمة قصيرة جدا
Genres
فمثلا، ما موقف الإنسانوي من زواج المثليين أو القتل الرحيم أو الإجهاض أو حقوق الإنسان؟ لا يوجد أي موقف إنسانوي من هذه القضايا يزيد عن موقف الدين منها. يختلف الإنسانويون حول تلك المسائل، كما يختلف الدينيون عليها.
فما يميز وجهة النظر الأخلاقية الإنسانوية إذن، إن لم تكن تلك المعتقدات الأخلاقية بعينها؟ هل يعتنق جميع الإنسانويين نظرية أخلاقية عامة معينة، على سبيل المثال؟
مرة أخرى، لا! لكن من الصحيح أن الإنسانويين كثيرا ما يصفهم خصومهم بأنهم يعتنقون شكلا بدائيا إلى حد ما من النفعية، وعلى أساسه لا يهمهم - من وجهة النظر الأخلاقية - سوى تعظيم المتعة التي يحصلون عليها وتقليص الألم والمعاناة اللذين يتعرضون لهما للحد الأدنى.
تواجه النفعية، في أبسط أشكالها، بعض الاعتراضات المعروفة جيدا؛ فيبدو مثلا أن النفعية تقتضي أنه سيكون من الصواب قتل شخص لتوفير أعضاء بشرية يمكن أن تنقذ حياة عدة أشخاص آخرين؛ وهو الفعل الذي يعتبره الجميع، تقريبا، خاطئا أخلاقيا. من الممكن الرد على تلك الاعتراضات، لكن حتى إن لم يمكن الرد عليها، فهذا لا يستتبع تفنيد الإنسانوية؛ فالإنسانويون، حسب ظني، غير ملزمين بأن يكونوا نفعيين، وفي الواقع كثير منهم يرفض النفعية .
يوافق بالطبع أغلب الإنسانويين على وجهة النظر النفعية القائلة بأن تبعات أفعالنا - وفي ذلك الألم أو المتعة الناتجين عن تلك الأفعال - مهمة، على الصعيد الأخلاقي؛ فالإنسانوي يميل أكثر إلى إعطاء ثقل أخلاقي أكبر لتبعات الأفعال عما سيفعل، مثلا، الديني الذي يعتقد أن الأمر الصحيح أخلاقيا هو أن تقوم بما يأمرك به الإله، بغض النظر عن التبعات، و/أو أن أي عاقبة سيئة تترتب على اتباع أوامر الإله في هذه الحياة ستعوض بما يفوقها في الحياة الآخرة. ويعتقد الإنسانويون في الغالب أنه إن كان فعل ما سيسبب قدرا كبيرا من المعاناة، فهذه حقيقة متعلقة بالمغزى الأخلاقي، وهي حقيقة ينبغي وضعها في الحسبان عند الحكم على مدى صحة الفعل من الناحية الأخلاقية.
لكن الإقرار بأن تبعات أفعالنا - وفي ذلك مدى تعظيمها للمتعة وتقليصها للألم إلى الحد الأدنى - مهمة أخلاقيا لا يعني القول بأنها هي «وحدها» الأشياء المهمة أخلاقيا. وكما قلت، الإنسانويون غير مضطرين لأن يكونوا نفعيين.
وكما طالعنا في الفصل الأول، ثمة إرث فكري طويل يمكن أن يعتمد عليه الإنسانويون - وهم يعتمدون عليه بالفعل - في صياغة التزاماتهم وحججهم، وفي ذلك التزاماتهم وحججهم الأخلاقية. فبعضهم يستقي أفكاره من أخلاقيات الفضيلة عند أرسطو، والبعض الآخر يستقيها من أخلاقيات الواجب عند كانط.
ينجذب كثير من الإنسانويين لفكرة مثل التبرير «البراجماتي» التالي لمبادئهم الأخلاقية الأساسية. تخدم المعايير الأخلاقية مقاصد معينة، مثل السماح لنا بالحياة معا في تناغم نسبي، وتسهيل النشاط التعاوني، والحد من الظروف التي تضر بنا. وبافتراض أننا نرغب في السعي وراء تلك الأهداف، فثمة معايير جوهرية معينة يجب الالتزام بها، تساعد في تفسير المعايير الأساسية الشائعة في كل ثقافة تقريبا، مثل منع السرقة والكذب والحنث بالعهود. ومع وضع نقاط ضعف البشر في الاعتبار، وفي ذلك عدم استطاعتنا الاستمرار في الحياة بمفردنا، لا مفر من وجود مجموعة أساسية من المعايير الأخلاقية.
تعرض الكاتبة الإنسانوية مارجريت نايت (1903-1983) تبريرا إنسانويا في هذا الإطار:
لم يجب علي أن ألقي بالا للآخرين؟ يمكن أن تكون تلك الأسئلة الأخلاقية الأساسية ، مثلها مثل الأسئلة الأساسية كافة، عسيرة الإجابة للغاية، كما يعرف كل من يدرس الفلسفة. أعتقد أن الإجابة الوحيدة الممكنة عن هذا السؤال هي الإجابة الإنسانوية؛ وهي: لأننا كائنات اجتماعية بالفطرة، ونحن نحيا في مجتمعات، والحياة في أي مجتمع، من الأسرة حتى الأطر الأكبر، تكون أسعد وأثرى وأخصب عندما يكون أفراد المجتمع متوادين ومتعاونين عما ستكون عليه إن كانت تسود بينهم العداوة والبغضاء.
Page inconnue