Humanisme : Une très brève introduction
الإنسانوية: مقدمة قصيرة جدا
Genres
إلا أنه ثمة عدد كبير من الدينيين الذين يتفقون مع كثير مما يقوله الإنسانويون، بل مع كل ما يقولونه حول تلك القضايا - الذين يرون أن التبريرات الدينية التقليدية لمثل هذا التمييز والظلم والحظوة لا يمكن الدفاع عنها - ومن ثم يمكن للإنسانويين التعاون، وأحيانا ما يحدث ذلك، مع الدينيين أفرادا ومنظمات لتحقيق الأهداف المشتركة.
ليس «العداء للدين» هو الذي يوجه مطامح الإنسانويين الإصلاحية كما يفترض بعض الدينيين، وإنما «التزام إيجابي بتناول القضايا الأخلاقية والسياسية بأسلوب رشيد ومحايد.» وبالطبع هذا الالتزام يضع الإنسانويين حتما في صراع مع كثير من الدينيين حول كثير من تلك القضايا، ولكن بالتأكيد ليس معهم كلهم.
والجدير بالذكر أيضا أن الإنسانويين لا يقلون في معارضتهم للقمع والتمييز بغير وجه حق عندما يكون على يد أنظمة «ملحدة»، مثل نظامي ماو تسي تونج وستالين الديكتاتوريين اللذين ظهرا في القرن العشرين (حيث أقدم كلاهما على اجتثاث أصحاب الفكر الحر التنويريين بالقسوة نفسها التي أقدما بها على اجتثاث الفكر الديني). (10) نظرة سريعة على تاريخ مصطلح «الإنسانوية»
لعل أول استخدام لكلمة «إنسانوي» كان لوصف فرع من المناهج التعليمية: العلوم الإنسانية؛ التي تضم النحو والشعر والبلاغة والفلسفة الأخلاقية. وخلال عصر النهضة، كان هناك إعادة اهتمام، كما أشرنا آنفا، بالثقافة الكلاسيكية، وتركيز متزايد على الإنسان. وأطلق المعلقون على القرن التاسع عشر فيما بعد على الحركة الثقافية والفكرية هذه «إنسانوية عصر النهضة».
أما اليوم، فالاستخدام الرئيسي لمصطلح «الإنسانوية»، في كل من المملكة المتحدة والعالم، هو لوصف الاتجاه الذي عرضت ملامحه في مقدمة كتابي هذا. وكان هذا المعنى الرئيسي للمصطلح للأعوام السبعين الماضية على الأقل؛ المعنى الذي بدأ يكتسبه خلال القرن التاسع عشر. وفي الولايات المتحدة، يضع البعض كلمة «العلمانية» قبل كلمة «الإنسانوية»؛ كي يؤكدوا على أن معتقداتهم منفصلة عن أي معتقد ديني. وفي المملكة المتحدة، تعتبر إضافة كلمة «العلمانية» إطنابا لا داعي له.
الفصل الثاني
الحجج المؤيدة لوجود الإله
الإنسانويون إما ملحدون وإما لا أدريون، ويفترضون في المعتاد أن الإيمان بوجود إله أو عدة آلهة غير منطقي أو مبرر، ويزيد آخرون على ذلك؛ إذ يؤكدون على أن الإيمان بالإله غير عقلاني على الإطلاق.
وفي المقابل، فإن المؤمنين بالإله يفترضون في المعتاد أن معتقدهم عقلاني، مع تأكيدهم على أن موقفهم هو «موقف إيماني». إنهم يفترضون أن الإيمان بالإله ليس مثل الاعتقاد في وجود بابا نويل أو الجنيات؛ فالأمر أكثر عقلانية بكثير من ذلك. ربما يعترفون أن وجود الإله لا يمكن «إثباته» على نحو حاسم، لكنهم يصرون دوما على أن الاعتقاد بوجود الإله شيء عقلاني، إلى حد ما، على الأقل بالنسبة إلى شخص بالغ متعلم ومتحضر.
لكن إن كان الإيمان بالإله أكثر عقلانية بكثير من الإيمان بوجود الجنيات، على سبيل المثال، فما سبب ذلك؟ ما الذي يجعل الإيمان بالإله أكثر عقلانية؟ يرد المؤلهون (المؤمنون بالإله) على هذا السؤال بإجابات مختلفة؛ يحاول كثير منها عرض «حجة منطقية» ما تؤيد وجود إله.
Page inconnue