L'homme, l'animal et la machine : redéfinition continue de la nature humaine

Michel Chafiq Hanna d. 1450 AH
74

L'homme, l'animal et la machine : redéfinition continue de la nature humaine

الإنسان والحيوان والآلة: إعادة تعريف مستمرة للطبيعة الإنسانية

Genres

وهنا تبدأ مغامرة غريبة. فالسير على قدمين يسمح باستخدام الأيدي في مهام جديدة. فاليد تستخدم في حركات الروابط الاجتماعية وفي التخلص من القمل وفي وضع الزينة وفي لعب الأطفال وفي إظهار الحنان والحب، فاليد تفسح المجال للتعقيد الثقافي.

وتسمح اليد أخيرا وخاصة بالحركة التقنية. ومنذ ذلك الوقت حلت اليد المقترنة بالشيء المصطنع، أي جهاز اصطناعي بديل، محل الأسنان للإمساك بالشيء أو نقله أو تحطيمه أو تمزيقه، مما أدى إلى صغر قناع الوجه وعضلاته. وتناقصت الضغوط العضلية التي تتعرض لها قشرة الجمجمة، فعندما تتحرر الجمجمة من العضلات، تسمح بنمو عقل أكبر حجما.

وتنشأ حينئذ دائرة ممتلئة فتؤدي زيادة حجم العقل إلى توسيع القدرة على الحركة وتعقد الأشياء المصطنعة والتقنيات الثقافية. ومن أجل إنجاب طفل بهذا العقل الكبير يتعين على الطفل الإنساني أن يولد مبكرا عن الحيوانات وسيكون أمامه أن يتعلم الكثير.

يبدو أن التشريح والقدرات العقلية والثقافة يرتبط كل منها ارتباطا وثيقا بالآخر من أجل فهم طبيعة الذكاء الإنساني. فقد اتخذ الجنس البشري مسارا ثقافيا محددا، وكان بإمكانه أن يكون مختلفا. أما الحيوانات الأخرى فقد استكشفت سبلا أخرى. وفي هذا الإطار لا يرتبط الذكاء فقط بكمية المعلومات أو القدرة على التعلم، فلا يمكن النظر إليه إلا في إطار بيئة محددة وسلالة ثقافية معينة.

وإذا شكلت الثقافة بالفعل ذكاء الإنسان فمن المرجح أن عملية ثقافية واحدة قد تؤدي إلى ظهور آلات مزودة بنوع من الذكاء. يتعين إذن إعادة النظر في مسألة ذكاء الآلات في ضوء قدرتها على التعلم من خبرتها وعلى التخيل مما تعلمته وعلى نقل نتاج هذا التخيل إلى آلات أخرى عبر الثقافة. وربما يكون من المستحيل تصميم آلة ذكية من العدم حتى لو زودناها بعقل كبير. ولكن من الوارد في المقابل أن تستطيع آلة ما تطوير مهارات أكثر إتقانا مع زيادة خبراتها. ومن الممكن أيضا أن تستطيع مجموعة من الآلات إنتاج أشياء مصطنعة أو تمثيلات يمكن نقلها ثقافيا من جيل إلى جيل، ومن شأنها أن تعجل ببدء التعلم لدى الآلات اللاحقة. ولن تكون هذه العملية وحدها هي التي ستتيح لسلالة من الآلات في يوم ما أن تنمي نوعا مميزا من الذكاء المتطور.

وفي مواجهة هذه التخمينات يتعين علينا ذكر ما ينبغي إضافته إلى كل فصل من فصول هذا الكتاب. وسنكتفي كالعادة بترجمة اللغز الغريب لتطور الذكاء الإنساني أو تعميمه في لغة الآليات التي نفهمها. فما يفهم جيدا يتحول إلى آلة وفي المقابل تغير الآلات من نظرتنا إلى جوهرنا. (4) إعادة تعريف مستمرة للطبيعة الإنسانية

لقد ذكرنا أن الإنسان الذي يتسم بالنقص والضعف في وسط الغابة الأولية التي ظهر فيها ولكن المزود بذكاء استثنائي سمح له في نهاية المطاف بالسيطرة على الكوكب، طالما سعى إلى معرفة نفسه وتعريفها. وقد بدأ منطقيا بتعريف نفسه أولا بالمقارنة مع بقية الكائنات الحية التي تملأ الأرض معه، أي «الحيوانات» التي يشبه سلوكها سلوك الإنسان في العديد من الأمور على الأقل فيما يتعلق بالسلوكيات الأكثر تعقيدا، ولكنه اضطر مؤخرا إلى مقارنة قدراته بقدرات كيانات أخرى صنعها هو بنفسه بفضل ذكائه، وهي «الآلات» التي يزداد إتقانها، والتي تستطيع أن تتجاوزه في بعض المجالات، والتي يسمح تطورها المنتظم بأن نتخيل أنها سوف تمتلك في المستقبل قدرات أكثر قربا من قدرات الإنسان.

ولقد قادنا تعريف حدود الخصائص المميزة له حاليا إلى موقفين مختلفين: موقف عالم الأحياء وموقف المهندس. ولا يجب أن يختلط علينا الأمر: «مختلفان» لا يعني أنهما «متعارضان». فما بين العقل البشري والثقافة الإنسانية ثمة لعبة تفاعلات معقدة أو ما يمكن أن نسميه جدلا هكذا تجعل من الصعب تحديد العنصر المحرك أو الأساسي في التفاعل. ويعتبر دور كل من العقل والثقافة أساسيا فيما نسميه «التحول إلى الإنسان» ولكن لكل منهما وزن مختلف. وهنا نجد أيضا تفرقة بين مفهوم «بيولوجي» ومفهوم «أنثروبولوجي» لهذا التحول، وبالرغم من كون أحدهما يكمل الآخر فإن المواجهة لا تزال مستمرة بين هذين المفهومين في كتابات الخبراء.

وعلى أية حال، ثمة تشابه بين الحيوانات والآلات: فنحن نعرف أنفسنا بالاتصال معها. وبما أننا نقارن أنفسنا بها فهي تجبرنا على وضع مسألة تميزنا موضع سؤال، وهو سؤال قديم وسيستمر طرحه في المستقبل بلا شك كلما اكتشفنا قدرات جديدة لدى الحيوانات وأنشأنا آلات أكثر إتقانا. وهذا هو ما نود أن نختم به: إنها هذه الرؤية لإنسان يعيد تعريف نفسه بصورة مستمرة.

تعد الكتب بلا فائدة في بعض المجالات؛ فعن طريق العيش مع حيوان ما نقتنع بذكائه، وعن طريق استخدام آلة ما بصورة يومية يمكن أن تتغير مفاهيمنا المسبقة حول ما يمكنها أو لا يمكنها فعله. ولقد اكتفينا هنا بالعودة إلى ما نعتقد معرفته عن الحيوانات والآلات والتركيز على أهميتها في تكوين إنسانيتنا. والآن يتعين على كل فرد أن يستعين بخبرته لتكوين رأي حول الطريقة التي تحول بها الحيوانات والآلات من جوهره يوما بعد يوم .

Page inconnue