L'homme dans le Coran
الإنسان في القرآن
Genres
وهذا هو مكان الإنسان الأوسط، بين حلقات هذه السلسلة العظمى «التي إذا انكسرت إحداها وقع الخلل في سائرها».
وجاء بعده شاعر آخر هو جيمس تومسون صاحب قصيدة الفصول (1700-1748)، فنظم الوجود من طرفي هذه السلسلة العظمى «بين الكمال الذي لا حد له، وبين حافة الهاوية السفلى والعدم المرهوب». •••
وتوقف البحث في سلسلة الخلق العظمى بعض التوقف بين أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر، ولكنه لم ينقطع، ولا نعتقد أن الانقطاع عن البحث يعرض لمسألة الإنسان ومركزه من الكون في زمن من الأزمان، وإنما انقطع البحث فترة يسيرة، ليتجدد بكل ما يستطاع من قوة مع البحث في مذهب التطور، وفي علوم الأحياء عامة، وعلم الإنسان خاصة، على هذا النطاق الواسع الذي يشمل اليوم علم الحياة أو «البيولوجي»، وعلم الحيوان «الزولوجي»، وعلم الأجناس البشرية «الأنثولوجي»، وعلم الإنسان «الأنثروبولوجي»، عدا مباحث شتى تتصل بالمعلومات العامة عن الإنسان ومركزه بين الكائنات في آراء علماء الطبيعة، وآراء الفلاسفة والمفكرين. •••
ونعود إلى السلسلة العظمى عند العرب الذين نقلوا أهم مصادرهم إلى الأوروبيين، فنقول: إنهم عرفوها - كما تقدم - من مصادر شتى، ولم يجعلوها دستورا عاما يحيط بالموجودات، ويقرر للإنسان مكانه على مذاهب القائلين بتلك السلسلة؛ لأن مكان الإنسان كما ورد في آيات القرآن الكريم أغناهم عن القول بمكان له ينسبه إلى سلسلة الخلق، ويلحقه بها لزاما على طريقة الأقدمين في إلحاقه بغير الخلائق الآدمية.
وإنما عرفت لحكماء العرب أقوال تشير إلى ترتيب السلسلة في مواضع متفرقة من بحوث العلم أو الدين.
ومنها ترتيب آفاق الموجودات كما تقدم في فصل «التطور قبل مذهب التطور» من هذا الكتاب.
ومنها الكلام على «النفس والروح والعقل» والتفرقة بين مراتبها، ابتداء من النفس التي كان أرسطو يجعلها قوة مشتركة في الخلائق النامية، إلى الروح التي تعلو على النفس في هذا الاعتبار، ويمتاز بها الإنسان عما دونه، إلى العقل، وهو الصفة الإلهية التي يتحلى بها الإنسان، ويقترب بها من أفق الخالق أو المحرك الذي تقترب منه الموجودات بمقدار حركتها إليه، وأشرفها حركة الإنسان إلى المعرفة، وشوقه إلى الكمال. •••
وعرف القول بالعالم الأكبر والعالم الأصغر بين المتصوفة، كما جاء في أبيات تنسب إلى الإمام علي بن أبي طالب، ولم تتحقق نسبتها إليه، ومنها عن الإنسان:
دواؤك فيك وما تشعر
وداؤك منك وما تفكر
Page inconnue