L'homme dans le Coran
الإنسان في القرآن
Genres
وصفوة القول بسلسلة الخلق العظمى أن الوجود درجات متفاوتة في ترتيب الضعة والشرف، تبتدئ من المادة الأولى التي لا صورة لها، وترتفع إلى مرتبة الوجود الإلهي الذي تمحض له العلم والخير، فهو علم لا يعرض له الجهل، ولا يحتجب عنه سر، وخير لا يشوبه الشر ولا يقع له في إرادة.
وهذه السلسلة العظمى كاملة في انتظامها لكل حلقة من حلقات الوجود، وكل قابلية من قابليات الصفات والأعراض، فلا تفرغ السلسلة العظمى من إحدى هذه الحلقات، ولا يعقل أن توجد في الإمكان قابلية لشيء قط ولا توجد في الواقع مع حلقة من حلقات الوجود السفلي أو العلوي. •••
والرائد الأكبر لهذا المذهب بين الأقدمين أفلاطون الملقب بالحكيم الإلهي، فهو الذي وضح هذا المذهب توضيحا فلسفيا، وبناه على حجة عقلية، وهي أن الإله - وهو خير محض - يأبى له كرمه أن يضن على شيء، كائنا ما كان، بنعمة الوجود، فمهما يبلغ من حقارة شأنه فهو مستحق لحصته من الوجود في مرتبته من الخلق، ومستحق لأن يصعد من هذه المرتبة إلى ما فوقها بنعمة من الله، وبما ركب في طبائع الأشياء من شوق إلى الكمال.
والراجح أن هذا المذهب وصل من الهند إلى حكماء اليونان من طريق العبادات السرية التي عرفت باسم النحل «الأورفية»، وأسبق ناقليه من كبار الفلاسفة اثنان؛ هما: فيثاغوراس وإمبدوقليس، وكلاهما يقول بتناسخ الأرواح، ويتنطس في معيشته على نظام الرياضة الصوفية والرياضة البدنية، وبين أتباعهما من كان يجمع بين التقشف ومراس الرياضة البدنية، ويفوز في مبارياتها العامة.
وقد كان فيثاغوراس يجتنب أكل اللحوم، ويقسم الأغذية إلى: صالحة للروح، وغير صالحة لها لأنها بهيمية، وكأنه كان يحرم أكل اللحوم لأنها مأكل السباع، ويحرم أكل الفول وما إليه لأنه مأكل البهائم، ويحسب أن الأرواح تنتقل بين الأجساد لترتفع أو تهبط في درجات الخلق ومراتب البهيمية والروحانية، وله من الأقوال المقتضبة ما يشبه مذهب الهند في الدورات الأبدية التي يحسبونها بعدد مقدور من ألوف السنين، مع قسمة السنين إلى شمسية وكونية. •••
وجاء بعده إمبدوقليس، فقسم درجات المادة، واعتبر العناصر الأربعة أشرفها وأعلاها، وسماها بالجذور قبل أن تعرف باسم العناصر وتسمى بعنصر النار، وعنصر الهواء، وعنصر الماء، وعنصر التراب.
والعالم - عند أصحاب القول بالسلسلة العظمى - عالمان: كبير وصغير، فالعالم الكبير
Macrocosm
هو الكون كله بما اشتمل عليه من كائنات علوية وسفلية، ومن مراتب روحية وبهيمية ومادية، والعالم الصغير
Microcosm
Page inconnue