L'homme dans le Coran
الإنسان في القرآن
Genres
الآدمي :
إذا افترضت تدخل الله سبحانه كان لا بد من تعويض نفس بنفس؛ أما هذا التعويض فيتم إما بوجود القرد الأول الذي تكون، أو في بداية الانتشار، وكلا الافتراضين لا يتحقق. أما الأول فلأنه يفترض قتل الحي ثم إقامته، أو ملاشاته ثم إقامة آخر بدله.
القردي :
قرأت في كتب بعض أصحاب مذهب التحول أن التمايز إنما ينتج من عمل صدفة يدور عليها الانتخاب الطبيعي، فما قولك فيه؟
الآدمي :
قد سبقهم إلى مثل هذا القول غيرهم من الملحدين الذين يؤيدون المادة، ونحن نوقفك على أدلة تذكر ما يعولون عليه من فعل الصدفة في تمايز الكائنات.
إن الصدفة لا تقع إلا في الأشياء التي يمكن لها أن تكون على خلاف ما هي؛ فقد يمكن للطاولة التي يصنعها النجار أن تكون مربعة أو مدورة، أما الأشياء التي هي من الضرورة، ودائما، فلا يمكن لها أن تحدث بطريق الاتفاق، ولكن من الأشياء ما لا يمكن له أن يكون على خلاف ما هو، مثل: الجواهر البسيطة، وذوات الأشياء وحقائقها، ومثل الأعمال التي تصدر عن فاعل لا يصادمه في فعله شيء كالجاذبية، مع قطع النظر عن كل مانع يصادمها في فعلها، وعليه فإن هذه الأشياء لا تقع عليها الصدفة؛ أتظن أن للصدفة أن تجعل الكلب حمارا، والحمار كلبا؟
ونحن نشاهد أن الحركات والأفعال إنما تلي تمايز الأشياء ولا تسبقها؛ أولا ترى أن السفينة لا تتحرك ولا تجري قبل أن يجعل كل من آلاتها في موضعه على هيئة من التمايز لا ينبغي أن يشوبه أدنى خلل؟ •••
ويفضي هذا الحوار إلى عجز «الإنسان القردي» عن الجواب، فيتبعه صاحب الكتاب بمناقشة مطولة لمذاهب الماديين يستند فيها إلى حجج الفلسفة اللاهوتية، ويقرر فيها أن العلوم الطبيعية وحدها لا تكفي لتحقيق النظر في أصل الوجود من حيث هو موجود، ولهذا سمى البحث عن أصل الوجود بما بعد الطبيعة؛ لأنه «ينبغي أن يقرأ هذا العلم بعد الوقوف على علم الطبيعيات، والمراد به علم يبحث عن الوجود من حيث هو موجود؛ أي عن ذات الأشياء بقطع النظر عن معنياتها وأحوالها الخاصة التي ينحاز بها الشيء عما سواه، أو علم يبحث به عن الأسباب الأخيرة للوجود والمعرفة، فإن كليهما لا ينفصلان؛ لأن مبادئ المعرفة والعلم العالية المطلقة إنما هي التي تمكننا من الوقوف على أسباب الوجود؛ ولذلك فإنه يكون علم العلوم». •••
ولا نعلم أن كتابا في هذا الموضوع بقلم باحث مسيحي من كتاب اللغة العربية ظهر قبل كتاب «صفوة علم اليقين في حقيقة مذهب دارون»، لمؤلفه الأسقف خير الله أسطفان، ناظر مدرسة عين ورقة، الذي ألفه بعد الكتاب السابق بأكثر من ثلاثين سنة؛ (1929)، أعيد في خلالها طبع مؤلفات الدكتور شبلي شميل في هذا المذهب، ونشط البحث بين الأوروبيين في نظريات النشوء عامة، على أثر البحوث المتضاربة في نظريات تنازع البقاء وإرادة القوة، وما إليها من «الفلسفات» التي أثارتها الحرب العالمية الأولى ومشاكل العلم والاجتماع فيما بين الحربين العالميتين.
Page inconnue