L'homme dans le Coran
الإنسان في القرآن
Genres
أقرب في رأي البيولوجيين من استقصاء تاريخ الأنواع.
وقد ألف الأستاذ برنارد رينش، أستاذ علم الحيوان بجامعة ميونستر، كتابه عن «التطور فوق مستوى الأنواع»؛
5
ليشرح هذه الفكرة، ويبين أن عزل النوع إنما يتم بانعزال ناسلاته، وأن البحث في تاريخ تغير الناسلات هو مرجع البحث الأصيل؛ للوصول إلى الحلقة التي تفصل بين ما تقدمها وما تلاها، وتنشئ شروطا جديدة للنسل والوراثة، فتعتبر بذلك حدا فاصلا بين نوعين.
فليس من السهل أن ننتظر تحول الأنواع بعد تطورها، وابتعاد أواخرها من أوائلها الموغلة في القدم، ولكننا إذا اكتشفنا سر تطور الناسلات وانعزالها بخصائص التوريث دفعة واحدة أو على درجات متقاربة، فها هنا محل الحلقة المفقودة في سلسلة الأنواع.
مذهب التطور في الشرق العربي
من خصائص مذهب دارون - على ما يظهر - أن يشيع على نحو واحد قبل الوقوف على شروحه وبراهينه، وأن يثير ضروبا متقاربة من الاعتراض في مواطن العقيدة والثقافة العامة؛ فإنه لقي في الشرق العربي مثل ما لقيه من التحريف والاعتراض في البلاد الأوروبية، وتتابعت أدوار السماع به، ثم الإشاعة عنه، ثم الرد عليه بين المفكرين وقراء العلم الشرقيين، كما تتابعت قبل ذلك بين مفكري الغرب وقرائه، وتكرار هذا كله في الشرق العربي كأنه يحدث للمرة الأولى، ولم تنقشع شبهاته عن حقائقه إلا بعد الثورة المفاجئة التي يظهر - كما أسلفنا - أنها مقدمة لا بد منها، وأثر من آثار الصدمة الشعورية المفاجئة لا محيص عنه.
وقد تصدى للرد عليه في الشرق الإسلامي عامة، والشرق العربي خاصة، نخبة من المفكرين وقادة الإصلاح والمجتهدين من أتباع جميع الأديان الكتابية، وناقشوه - كما شاع لأول وهلة بين الغربيين من قبل - كأنه مذهب يستلزم إنكار الخلق، ويزعم أن القردة جدود البشر أجمعين، فكل إنسان حديث فهو نسل متأخر لقرد قديم.
وقلما يتصور القارئ العصري أن مذهبا كمذهب التطور يشيع في الشرق العربي قبل مائة سنة، ويتصدى للرد عليه عدد من الكتاب كذلك العدد الذي بقيت لنا بعض كتاباته، وانطوى أكثرها في زوايا المطبوعات المهجورة من المصنفات والنشرات الصحفية؛ لأن القارئ العصري يحسب أن مذهب التطور قد وصل إلى الأمم الشرقية وهي في «جاهلية»؛ لا تبلغها دعوة عالم أو مفكر من أبناء الأمم الأجنبية.
ولكن الواقع أن «جاهلية» القرن التاسع عشر لم تكن في شرقنا العربي حجابا دون المذاهب الفكرية التي يطلع عليها الأوروبي المثقف في حينها، ولم يكن مذهب كمذهب التطور لينعزل في حيز محدود بين جدران وطن واحد وهو يتحدث عن نسب الإنسان حيثما كان، في زمن لم يتحدث فيه الناس عن شيء كما تحدثوا عن مفاخر الأمم بالأصول الإنسانية، وبالأنساب التي يدعيها السادة لأنفسهم، وينكرونها على الرعايا المستعبدين. •••
Page inconnue