L'homme dans le Coran
الإنسان في القرآن
Genres
مثل هذا لا يعرف في حكم من أحكام الكتاب المبين، ولا في ركن من أركانه، بل المعروف فيه على نقيض ذلك: أن تبليغه على قدر فريضته، وأن التوافق فيه على أتمه بين الأركان التي تتلازم وتتكامل عن بيان مقدور لا محل فيه لفرض المصادفة، بل لا محل فيه لتجاهل القصد مع رسالة من رسالات التبليغ.
مكان الإنسان في القرآن الكريم هو أشرف مكان له في ميزان العقيدة، وفي ميزان الفكر، وفي ميزان الخليقة الذي توزن به طبائع الكائن بين عامة الكائنات.
هو الكائن المكلف.
هو كائن أصوب في التعريف من قول القائلين «الكائن الناطق »، وأشرف في التقدير.
هو كائن أصوب في التعريف من الملك الهابط، ومن الحيوان الصاعد، وأشرف في التقدير من هذا وذاك.
ليس الكائن الناطق بشيء إن لم يكن هذا النطق أهلا لأمانة التكليف، وليس الملك الهابط منزلة تهدي إلى طريق الصعود أو طريق الهبوط، وليس الحيوان الصاعد بمنزلة الفصل بين ما كان عليه وما صار إليه، ولا بمنزلة التمييز بين حال وحال في طريق الارتقاء.
إنما الكائن المكلف شيء محدود بين الخلائق بكل حد من حدود العقيدة، أو العلم، أو الحكمة، وحادث من حوادث الفتح في الخليقة موضوع في موضعه المكين بالقياس إلى كل ما عداه.
أي شيء أعجب من هذه الخاصة المحكمة ينفرد بها القرآن بين تعريفات الفلسفة وتعريفات الدعوة الدينية؟!
إنها عجيبة لا يدفع عجبها إلا أن تجري على سنتها من تبليغ الكتاب المبين.
إنها عجيبة لم تأت من مصادفات التضمين والتخمين؛ لأن الكتاب الذي ميز الإنسان بخاصة التكليف هو الكتاب الذي امتلأ بخطاب «العقل» بكل ملكة من ملكاته، وكل وظيفة عرفها له العقلاء والمتعقلون، قبل أن يصبح العقل «درسا» يتقصاه الدارسون كنها وعملا، وأثرا في داخله وفيما خرج عنه، وفيما يصدر منه وما يئول إليه.
Page inconnue