L'homme dans le Coran
الإنسان في القرآن
Genres
وربما جاء اليوم الذي يستطيع فيه الكيميون والطبيعيون الحيويون أن يحدثوا هذا الامتزاج، وخليق بهذا أن يذكرنا أهمية التحول الفجائي
Mutation
وما يترتب على إمكان إحداثه من تغيير النسل بالانتخاب الصناعي.
والمشاهد من أطوار جراثيم «البكتريا» أن لها خاصية عجيبة، وهي خاصية الاحتياط لمعالجة الأضرار التي قد تطرأ في المستقبل، وربما وجدت في الناس خاصة كهذه يدل عليها نجاة فريق منهم من الأوبئة والعلل المنتشرة، وكمون ضرب من المناعة يزود خلاياهم الناسلة بمثل ذلك الاحتياط لمقاومة آفات المستقبل. وقد يدهش السامع - بعد كل ما عرف عن الوراثة - أن يعلم أنه لم توجد بعد فكرة وافية عن الأمور التي تفعل والأمور التي تجتنب لتحسين نتائج الحيوان بالانتخاب الصناعي.
ويؤخذ من استطراد العالم البيولوجي في أمثال هذه العوامل الجينية أن العلم بها يفتح آفاقا من فروض التغييرات المحتملة يقصر عنها وسع النبوءة والتوقع، وأن الاستعانة بالمعارف المستحدثة تمكن الإنسان من معرفة وسائل التحسين في الذرية، ووسائل اتقاء الانحطاط فيها، ولكن هذه الوسائل لم تضبط - بعد - على يقين من نتائجها.
ولكن ترقية النسل لا تعتمد كلها على ضبط هذه الوسائل الجينية؛ لأن هناك وسائل التفكير أو وسائل الخصائص التي قد تنتقل بالوراثة من الدماغ.
قال الأستاذ مداوار في محاضرته الأخيرة:
إنني في هذه المحاضرة الأخيرة سأبحث في الكائنات البشرية عن وسيلة جديدة - غير الوسيلة الجينية - للوراثة والتطور مبنية على خصائص وحركات مصدرها الدماغ.
وإن وجود هذه الوسيلة أمر تعرفونه جيد المعرفة، فلم يكن البيولوجيون هم أول من أفضى إلى الإسراع إلى التصديق بأن الكائنات البشرية ذات أدمغة، وأن الأدمغة تحدث فروقا شتى، وأن الإنسان قادر على أن يؤثر في الأعقاب الآتية بوسيلة غير الوسيلة الجينية. وإن كثيرا مما قرأت في أقوال البيولوجيين ليلوح عليه أنه لا يفيدنا بشيء يزيد على ما ذكرت لكم، وإني لأحس أن البيولوجي مطالب بأن يسهم بنصيب يساعد على فهم الأصول البعيدة التي تتفرع عليها الأخلاق وضروب السلوك، وهو ما أحاوله الآن. ولا بد أن تأتي هذه المحاولة مستندة إلى التفكير الصلب لا إلى التفكير «الناعم»، وأعني بذلك تفكيرا يعرف له حيز واقع، وتدرك له تفصيلات بينة، مقابلا للتفكير الذي يجد متنفسه في الكلمات المونقة، والعبارات المفخمة الشعرية.
وأراني أقارب الوضوح البين إذا عبرت عن ذلك بمثال محسوس، وأسألكم أن تعيدوا إلى الذكر ذلك الفارق الهام بين الصندوق العازف والجهاز الحاكي «الجرامفون».
Page inconnue