78

Insaf Fi Tanbih

الإنصاف في التنبيه على المعاني والأسباب التي أوجبت الاختلاف

Chercheur

د. محمد رضوان الداية

Maison d'édition

دار الفكر

Numéro d'édition

الثانية

Année de publication

١٤٠٣

Lieu d'édition

بيروت

قد لبست وَرب رجل عَالم قد لقِيت فتقلل مَا لبست من الثِّيَاب وَمن لقِيت من الْعلمَاء تواضعا ليَكُون أجل لَك فِي النُّفُوس لِأَن الرجل اذا حقر نَفسه تواضعا ثمَّ اختبر فَوجدَ أعظم مِمَّا وصف بِهِ نَفسه عظم فِي النُّفُوس واذا تعاظم وَأنزل نَفسه فَوق منزلتها ثمَّ اختبر فَوجدَ أقل مِمَّا قَالَ استخف بِهِ وَهَان على من كَانَ يعظمه وَقد يسْتَعْمل تقليل الشَّيْء وَهُوَ كثير فِي الْحَقِيقَة لضروب من الْأَغْرَاض والمقاصد كَالرّجلِ يهدد صَاحبه فَيَقُول لَا تعادني فَرُبمَا نَدِمت وَهَذَا مَكَان يَنْبَغِي أَن تكْثر فِيهِ الندامة وَلَيْسَ بِموضع تقليل وانما تَأْوِيله أَن الندامة على هَذَا لَو كَانَت قَليلَة لوَجَبَ أَن يتَجَنَّب مَا يُؤَدِّي اليها فَكيف وَهِي كَثِيرَة فَصَارَ فِيهِ من معنى الْمُبَالغَة مَا لَيْسَ فِي التكثير لَو وَقع هَهُنَا وَمن هَذَا قَوْله تَعَالَى ﴿رُبمَا يود الَّذين كفرُوا لَو كَانُوا مُسلمين﴾ وانما تَأتي رب بِمَعْنى التكثير فِي مَوَاضِع الافتخار وَالْوَجْه فِي ذَلِك أَن المفتخر يُرِيد أَن الامر الَّذِي يقل وجوده من غَيره يكثر وجوده مِنْهُ فيستعير لفظ التقليل فِي مَوضِع لفظ التكثير اشارة الى هَذَا الْمَعْنى وليكون أبلغ فِي الافتخار

1 / 106