فانشرح صدر السر خفية من ذلك الإطراء وقال: «كيف لا؟ إنه متى جاء استطلعنا منه سر تلك الجمعية وبددناها.»
فقال: «نعم، قد آن الاقتصاص من سلانيك وأهلها، وكل آت قريب!» قال ذلك بلحن التهديد ونهض، فنهض السر خفية واستأذن في الانصراف.
فلما خلا السلطان إلى نفسه مشى إلى غرفة النجارة وأخذ يتلهى بصنع إطار من الآبنوس كان قد بدأ بصنعه منذ أيام، وأفكاره تائهة فيما سيكون من أمر رامز متى جاء، وكيف يحتال في كشف سر الجمعية، فطرأ على ذهنه رأي فمشى إلى موقف التليفون وخاطب الباشكاتب وسأله: «هل أرسلت التلغراف إلى ناظم بك؟» فقال: «نعم، أرسلته .»
قال: «ماذا قلت له فيه؟» قال: «طلبت أن يرسل المقبوض عليه وأوراقه حالا.»
قال: «متى جاء هذا الخائن فأرسله إلى السر خفية، فهمت؟»
قال: «سمعا وطاعة يا سيدي.»
وعاد السلطان إلى غرفة النجارة. وبعد هنيهة خطر له رأي جديد فعاد إلى التليفون وخاطب الباشكاتب ثانية قائلا: «إذا جاء الخائن فأرسله إلى عزت وأرسل أوراقه إلي.» فأجاب بالسمع والطاعة.
وعاد السلطان إلى عمله، وقد غلب عليه التردد في هذا الأمر لشدة القلق، ولاح له أن يكون هو أول من يرى رامزا، فعاد إلى التليفون للمرة الثالثة وقال للباشكاتب: «أرى أن ترسل الرجل وأوراقه إلي.»
فقال: «سأفعل يا سيدي.» ولم يستغرب الباشكاتب هذا التردد فقد تعوده.
أما السلطان فبعد أن رجع إلى عمله عاد إلى التفكير في الأمر، فرأى أن استقدام الرجل إليه رأسا لا يخلو من الخفة، فعاد إلى التليفون وأمر الباشكاتب إذا جاء المقبوض عليه أن يبقيه عنده ويظهر الاستخفاف به مكتفيا بإرسال أوراقه إليه، فأجاب مطيعا.
Page inconnue