143

Le coup d’État ottoman

الانقلاب العثماني

Genres

فلم تستغرب هذا الانقلاب من أبيها لعلمها بضعفه، وكثيرا ما كانت تغضي عن إساءته حتى في إبان ضغطه عليها بشأن رامز، وكانت تعذره لقصر إدراكه، فلما رأته داخلا على هذه الصورة نسيت إساءته وقبلت يده وقالت: «أحمد الله على ذلك يا سيدي.» ثم قالت: «ادع خريستو الخادم، إنه في الخارج.»

فأسرع إليه وناداه فدخل فقالت له: «دبر أمر هذا البيت.»

أما رامز فإن برقية خريستو وصلت إليه في ساعة وصول برقية السلطان إلى الجمعية بقبول طلبها إعلان الدستور، فأصبح في حيرة لا يدري هل يذهب ويترك القوم يفرحون وحدهم أم يبقى!

وأخيرا استأذن في الذهاب إلى سلانيك في أول قطار، وحمل توحيدة معه، وكان أبوه غائبا عن مناستير فلم يخبره بسفره. فوصلا في صباح اليوم التالي فوجد خريستو على المحطة في انتظارهما، وقص عليهما ما جرى فتأسف رامز لأنه لم يقتل صائبا بيده، ولكنه عرف القاتل وهو الفدائي الذي تبرع بذلك في الجلسة الأخيرة للجمعية. وركبوا ورامز يلاحظ حركات الناس في تلك المدينة ومقدار اغتباطهم بالدستور، فلم يكن يجد إلا جماعات يتكلمون عن الدستور ويتبادلون التهاني، والشوارع غاصة بالناس وقد تعانق الشيخ والقسيس والحاخام.

وكانت شيرين قد قضت ليلها أرقة من الفرح بقدوم رامز، فلما أصبح الصباح بعثت خريستو لاستقباله. ولما سمعت صوت المركبة أسرعت إلى النافذة، فرأت والدتها ورامزا نزلا من المركبة، فأسرعت إلى استقبالهما بالباب، فضمتها والدتها وقبلتها وبكت بكاء الفرح، ثم سلمت على رامز وقلبها يخفق، فرأى رامز تغيرا كثيرا في لونها ولم يفته السبب.

ولم يكد يصل إلى الدار حتى استقبله طهماز وضمه إلى صدره وأخذ يقبله والدمع في عينيه ، ويقول: «الحمد الله على سلامتك يا عزيزي!» وكان رامز مثل شيرين من حيث حكمها على طهماز، فالتفت رامز إلى شيرين عند ذلك كأنه يستشيرها في شأن أبيها، فأومأت إليه أن يغض النظر عما مضى، فقبل يد عمه، وجلسوا يتحادثون، وأكثر الحديث بين رامز وشيرين، ولو أردنا بسطه لأعدنا أكثر ما جاء في هذه الرواية.

وفي اليوم التالي أتى أبوه ووافق على الإغضاء عن ذنب طهماز لعلمه بضعفه، وقال: «إن جمعية الاتحاد والترقي شأنها الإغضاء عن السيئات، وليس في الدنيا من أساءهم مثل عبد الحميد، فلما نالوا الدستور أغضوا عما مضى وعدوه والدهم وتبركوا به، فكيف بوالد الحبيبة؟ عفا الله عما مضى.»

وبعد قليل تكاثر الأحرار في سلانيك من الضباط والملكيين أصحاب رامز، وكانوا يحبونه لأنه كاتبهم وشاعرهم، فاحتفلوا باقترانه احتفالا حضره نخبة الأحرار، وفيهم أنور ونيازي والأميرالاي فوزي بك والقادين ج والدكتور ن وكان قد فرغ من مهمته في يلدز، وجمع كبير من الأحرار. وكان فرح العروسين مزدوجا باجتماع الشمل ونيل الدستور.

Page inconnue