تحركت يداها فوق ظهره بقوة، بدت يداها أكثر سمرة وخشونة بالنسبة إلى ظهره الأبيض الناعم، يبدو بياضه شاحبا أبيض كأنما ليس فيه قطرة دم، مثل لون عجين العيش الفينو، أو لون الجير الأبيض على الحيطان النظيفة.
لأول مرة في حياتها ترى ظهر رجل نظيفا، ليس مثل ظهور الرجال في الزقاق، تطل من تحت قمصانهم البالية مسودة مشعرة خشنة كأنما من خشب مشقق، بدا ظهر شاكر بيه أبيض ناعما طريا مثل رغيف فينو من الفرن الإفرنجي. - آه يا سلام إيديكي فيها سحر يا هنادي.
ينتفخ صدرها زهوا بقدرتها على منحه كل هذه اللذة والراحة، كانت يداها تدلكان ظهره بقوة، تنزعان عن عضلاته السموم، تخرجان من بين فقراته التعب والإرهاق، شعرت هنادي بقوتها وأهميتها، تلاشى شاكر بيه المتكبر المتجهم القديم، أصبح تحت يديها شاكر آخر أكثر مرونة تستطيع أن تجدده بيديها، ليصبح إنسانا جديدا أو زوجا أفضل للأستاذة فؤادة، هي تستحق زوجا إنسانا يراعي مشاعرها، كانت تسمع شجارهما أحيانا من وراء باب غرفتهما المغلق، كانت ترى الأستاذة جالسة حزينة، أحيانا تلمح الدموع في عينيها، تفكر ماذا تقول لها لتخفف عنها، لكنها تسكت، تتذكر نصيحة أمها، يا داخل بين البصلة وقشرتها ما ينوبك إلا ريحتها.
هنادي منهمكة في تدليك ظهر شاكر بيه، الممدود في استسلام تحت يديها، يداها تتحركان كأنما بقوة إلهية أو شيطانية قادرة على نزع السم من ناب الثعبان، انزلي شوية يا هنادي، عند الفقرات اللي تحت في السلسلة. - حاضر.
وهبطت يداها تدلكان الفقرات أسفل ظهره، تتحرك أصابعها بحرص حتى لا تلمس الشق بين أليتيه، أول مرة في حياتها ترى ظهر رجل وأليتيه، تشعر بضيق في التنفس لكنها تواصل التدليك بهمة وحماسة، وانقضت لحظات لم تسمع فيها صوته، كأنما سقط في النوم، ثم رأته ينقلب فوق ظهره وأصبحت يداها فوق صدره الأملس بدون شعر، تدلكان الترقوة والعضلات بين ضلوعه الناعمة الدقيقة التي تكاد تتكسر تحت قوة عضلات يديها السمراوين، ازداد إحساسها بقدرتها على التحكم في جسمه فاشتدت حماستها لإتقان عملها، حتى بدأت أنفاسه تسرع بوتيرة غريبة مفاجئة، فتحول الزهو بنفسها إلى رهبة غامضة، ثم تحولت الرهبة إلى فزع حين رأت شاكر بيه يشدها إلى السرير لتصبح راقدة فوق ظهرها وهو يضغط كتفيها إلى أسفل، ليصبح نهداها تحت صدره وبطنها تحت بطنه، كانت اللحظة خاطفة فانخطف بصرها وتوقفت أنفاسها، فلم تشعر إلا بيده تفتح فخذيها ويدخلها بقوة جعلتها تطلق صرخة مكتومة من الرعب واللذة والألم، والمقاومة والخضوع والإثم والخوف والرفض والعبودية والاستسلام اليائس، كأنما هو القضاء والقدر جثم عليها وزهق روحها، أو كأنه هو الرب ذاته أمرها ونفذ الأمر، الرب الذي خلقها والذي يحييها ويميتها ويمنحها الحياة أو يقصف عمرها ولا راد لإرادته، ودب الصمت في أذنيها مثل صفارة طويلة ممدودة بين السماء والأرض، كأنما فرغ الكون من البشر والكائنات الحية وغير الحية، إلا هو وهي الاثنان الوحيدان اللذان يعيشان بعد سقوط القنبلة النووية فوق الكون، حتى أمها سعدية زالت من الوجود.
شاكر بيه فوقها تسمعه يهمس أوه يا إلهي أوه ... يتحرك داخل أحشائها وهي تضغط على شفتها السفلى، تكتم الألم حتى نزفت شفتها الدم، حاولت أن تدفعه بعيدا عنها لكن قوة أكبر منها كانت قد سحبت منها قوتها، والألم الحارق بإرادة الله واللذة الخارقة بإرادة الشيطان.
كان جسده يتلوى من تحتها مثل قرموط ثعبان بشرته ملساء بيضاء ناعمة، ما إن تقبض عليه حتى ينزلق تحت العرق الغزير وزيت اللوز، يفلت من بين يديها كالسمكة في البحر.
أفاقت من الغيبوبة وعادت إلى الوعي، رأته نائما فوق ظهره أو نصف نائم، فمه مفتوح في ابتسامة معوجة، يهذي بكلمات متقطعة مبتورة، أنا آسف أنا مغلوب على أمري ... مراتي غالباني ... مراتي لوح الثلج ... أصلها كاتبة مش امرأة ... يلعن دين الكتابة ...
دق جرس الباب أو جرس التلفون أو جرس دراجة في الشارع تجمد كل منهما في مكانه، فتح عينيه كأنما يصحو من النوم أو الموت، أمرها أن تذهب إلى المطبخ ونهض هو إلى الباب، لكنه انتبه إلى أنه ليس جرس الباب، بل جرس التلفون.
كانت ابنته داليا تتكلم من الإسكندرية. - داليا حبيبتي، وحشتيني.
Page inconnue