ورأوا هذا ناسخًا لعموم قوله -تعالى-: ﴿فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ﴾ [التوبة: ٥]، وإليه ذهب الضَّحَّاك (١)، وقال نحوه: عطاء (٢)
والحسن (٣)، وكذلك روي عن ابن عمر كراهة
(١) أخرج خلاف ذلك عنه: عبد الرزاق (٥/٢١١ رقم ٩٤٠٥)، وابن جرير في «التفسير» (٢٦/٤١) من طريقين مختلفين عنه. وقال عبد الرزاق بعده: وقاله السُّدِّي.
وذكر مكّيّ بن أبي طالب في «الإيضاح» (ص ٣٠٩) أن هذا هو مذهب الضحاك والسدي وعطاء، وهو أن آية الفداء هي الناسخة، وعزاه ابن المنذر في «الأوسط» (١١/٢٢٩) للضحاك -أيضًا-.
وجمهور العلماء على أن قول الضحاك هو أن آية الفداء هي الناسخة -كما ذكر ذلك المصنف عنه-.
قال الضحاك في آية الفداء: إن هذه الآية محكمة على الإطلاق. وانظر: «تفسير الضحاك» (٢/٧٦١) .
ويقصد بالمحكم هنا أنها ناسخة. كما فسَّر ذلك عند قوله -تعالى-: ﴿مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ﴾ [آل عمران: ٤] . أخرجه عنه الطبري في «تفسيره» (٣/١١٥) .
وأما ما أسنده عنه عبد الرزاق فهو من طريق ليث -وهو ابن أبي سليم-، قال الحافظ في «التقريب» (٥٦٨٥): «صدوق، اختلط جدًاّ، ولم يتميز حديثه، فتُرك» . ولعلَّ هذا مما اختلط عليه.
وأما إسناد ابن جرير، فقال فيه: حُدِّثْتُ عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك. والواسطة بين ابن جرير والحسين مجهولة، وعبيد: لم أعرفه. والله أعلم.
وانظر: «تفسير ابن عطية» (٦/٤١٢)، و«الناسخ والمنسوخ» لابن البارزي (ص ٣٥)، و«أحكام القرآن» لابن العربي (٢/٩٠١-٩٠٣)، و«الكشاف» (٢/١٧٥-ط. دار المعرفة)، و«تفسير ابن كثير» (٢/٣٣٦) .
(٢) أخرجه عبد الرزاق (٥/٢٠٤ رقم ٩٣٨٩)، وأبو عبيد في «الناسخ والمنسوخ» (٢١١ رقم ٣٩٧ و٣٩٨)، والطبري في «التفسير» (٢٦/٤١)، والنحاس في «الناسخ والمنسوخ» (ص ١٩٧) من طريق ابن جريج عن عطاء.
ومذهب الحسن وعطاء عزاه السيوطي في «الدر المنثور» (٧/٤٥٨) إلى عبد بن حميد في «تفسيره»، وحكاه عنهما: ابن المنذر في «الأوسط» (١١/٢٣١)، وزاد نسبته إلى سعيد بن جبير -أيضًا-.
وقال مكي بن أبي طالب في «الإيضاح» (ص ٤١٤) بعد ذكره مذهب عطاء والضحاك في أن آية الفداء هي الناسخة، قال: وهو قول شاذ.
(٣) أخرجه عنه أبو عبيد في «الناسخ والمنسوخ» (٢١٠/رقم ٣٩٦) عن حجاج -هو ابن محمد المصّيصي-، عن المبارك بن فضالة، عن الحسن أنه كره قتل الأسير، وقال: مُنَّ عليه أو فاده. =