بالإقامة مع المشركين، ألا ترى إلى قوله في الحديث: «أنا بريءٌ من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين» .
فأما الأسرى فلا إعانة منهم على أنفسهم، ففيهم الدية كاملة إن أصيبوا (١)، وبالله التوفيق.
(١) هذا قول المالكية -كما في «تفسير القرطبي» (١٦/٢٨٧) -، وهو وجوب الدية والكفارة، لا فرق بين الرمي حال الضرورة وبين الرمي في غير حال الضرورة، وهو الراجح عند الشافعية من قولين لهم. انظر: «مواهب الجليل» (٤/٥٤٨)، «أحكام القرآن» لابن العربي (٤/١٣٩)، «حاشية الدسوقي» (٢/١٧٨)، «الخرشي» (٤/١٥)، «بلغة السالك» (١/٣٥٦)، «روضة الطالبين» (١٠/٢٤٦)، و«حاشية ابن قاسم على تحفة المحتاج» (٩/٢٤٢)، «تكملة المجموع» (٢٠/٤١٨)، «رحمة الأمة» (ص ٥٣٠) .
وبه قال الحنابلة في قول مرجوح لهم. انظر: «المحرر» (٢/١٣٦)، «الإنصاف» (٤/١٢٩)، «مطالب أولي النهى» (٢/٥١٩) .
وهو مقتضى ما ذهب إليه الأوزاعي والليث. انظر: «أحكام القرآن» للجصاص (٣/٣٩٥)، «المغني» (١٣/١٤٢) .
وبه قال الحسن بن زياد صاحب أبي حنيفة. انظر: «بدائع الصنائع» (٧/١٠١) .
ودليلهم قول الله -تعالى-: ﴿وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ﴾ [النساء: ٩٢]، ووجه الدلالة: أن الرامي قتل مؤمنًا معصومًا خطأ بغير عمد مَحْض، فوجب موجبه؛ لهذه الآية. وكذا قول الله -تعالى-: ﴿وَلَوْلاَ رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُّؤْمِنَاتٌ ... فَتُصِيبَكمْ مِّنْهُمْ مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ [الفتح: ٢٥]، على قول بعض المفسرين: أن المراد بالمعرة في هذه الآية: الكفارة والدية.
انظر: «تفسير الماوردي» (٤/٦٤)، «زاد المسير» لابن الجوزي (٤/٤٤٠) .
خلافًا للحنفية، فهم لا يوجبون كفارة ولا دية. وقد ذكره المصنف عنهم آنفًا.
وقد ضعَّف ابن عطية في «تفسيره» تفسير «المعرَّة» بأنها الدية -كما هو قول ابن إسحاق-؛ لأنه لا دية في قتل مؤمن مستور الإيمان بين أهل الحرب.
أما تفسير «المعرَّة» بأنها الكفارة -كما قاله الكلبي ومقاتل والطبري- فضعيف. قال الحنفية: لأن الحرب عندنا تمنع وجوب ما يندرئ بالشبهات. انظر: «روح المعاني» (٩/١١٤)، «تبيين الحقائق» (٣/ ٢٤٤) .
وقول الحنفية هذا وجيهٌ وقوي، والقتل -هنا- ليس من باب القتل الخطأ المحض، ولا من باب القتل العمد وشبه العمد.
وانظر: «قضايا فقهية في العلاقات الدولية حال الحرب» لحسن أبو غدة (ص ١٥٩-١٦٧) .
والقول الآخر للشافعية -وهو المرجوح عندهم-، وبه قال الحنابلة -في القول الآخر الصحيح =