قال ابن الأثير:
عَسْب الفحل: ماؤه، فرسًا كان أو بعيرًا أو غيرهما، وعَسْبه أيضًا ضرابه، يقال: عَسَب الفحلُ الناقة يَعْسِبها عَسْبًا، ولم ينه عن واحد منهما، وإنما أراد النهي عن الكراء الذي يؤخذ عليه، فإن إعارة الفحل مندوب إليها، وقد جاء في الحديث (ومن حقها إطراقُ فحلها) (^١)، ووجه الحديث أنه نهى عن كراء عَسْب الفحل، فحذف المضاف وهو كثير في الكلام (^٢).
وعلى هذا يتبين أن النبي ﷺ نهى عن إجارة الفحل إذ أن ماءه ليس محلًاّ للعقود والمعاوضات وهذا من محاسن الشريعة الإسلامية إذ أن النبي ﷺ نهى عن المعاوضة عليه بالثمن واستحب إعارته لتدوم المحبة والمودة بين المسلمين، ومما ينبغي
(^١) (إطراق فحلها) إعارته للضرب أي: الإتيان، وهذه جملة من الحديث الصحيح، الذي أخرجه مسلم (٩٨٨) من حديث جابر بن عبد الله عن النبي ﷺ قال: «مَا مِنْ صَاحِبِ إِبِلٍ وَلَا بَقَرٍ وَلَا غَنَمٍ، لَا يُؤَدِّي حَقَّهَا، إِلَّا أُقْعِدَ لَهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقَاعٍ قَرْقَرٍ تَطَؤُهُ ذَاتُ الظِّلْفِ بِظِلْفِهَا، وَتَنْطَحُهُ ذَاتُ الْقَرْنِ بِقَرْنِهَا، لَيْسَ فِيهَا يَوْمَئِذٍ جَمَّاءُ (الجماء: الشاة لا قرن لها) وَلَا مَكْسُورَةُ الْقَرْنِ» قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا حَقُّهَا؟ قَالَ: «إِطْرَاقُ فَحْلِهَا، وَإِعَارَةُ دَلْوِهَا، وَمَنِيحَتُهَا، وَحَلَبُهَا عَلَى الْمَاءِ، وَحَمْلٌ عَلَيْهَا فِي سَبِيلِ اللهِ».
(^٢) «النهاية في غريب الأثر» (٣/ ٤٦٤).