194

الاستنباط عند الخطيب الشربيني في تفسيره السراج المنير

الاستنباط عند الخطيب الشربيني في تفسيره السراج المنير

Genres

أما جواز النسخ عقلًا: فلا يمتنع أن يكون الشيء مصلحة في زمان دون زمان، ولا يبعُد أن الله تعالى يعلم مصلحة عباده في أمرهم بأمر مطلق حتى يستعدوا له فيثابوا، ويمتنعوا بسبب العزم عليه عن معاص وشهوات، ثم يخففه عنهم. (^١) وأما دليله شرعًا: فهذه الآية – محل الدراسة كما تقدم – وقوله تعالى: ﴿يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ﴾ [الرعد: ٣٩]، قال ابن عباس وغيره: معناه يمحو ما يشاء من أحكام كتابه، فينسخه ببدل أو بغير بدل، ويثبت ما يشاء فلا يمحوه ولا ينسخه، ﴿وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ قال ابن عباس: معناه عنده ما ينسخ ويبدل من الآية والأحكام، وعنده ما لا ينسخ ولا يبدل، كلٌ في أم الكتاب، وهو اللوح المحفوظ. (^٢) فهذا يدل على جواز النسخ بنص القرآن، وقوله تعالى: ﴿وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ﴾ [النحل: ١٠١] وهذا نص قاطع على جواز النسخ، ويدل على جوازه أيضًا قوله تعالى: ﴿لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا﴾ [المائدة: ٤٢] ومعلوم أن شريعة كل نبي قد نسخت شريعة من قبله.

(^١) ينظر: روضة الناظر (١/ ٢٢٨)، وينظر تفصيل أدلة جوازه عقلًا في: مناهل العرفان (٢/ ١٨٧). (^٢) وبمثل هذا المعنى قال قتادة وابن زيد وابن جريج وغيرهم. ينظر: زاد المسير (٢/ ٥٠٠)، وتفسير القرآن العظيم (٤/ ٤٧١)، وينظر: قلائد المرجان في بيان الناسخ والمنسوخ في القرآن لمرعي الكرمي (١/ ٢٣).

1 / 194