22 مارس 2017
إهداء
إلى كل فتى وفتاة في ربيع العمر، لعلهما يدركان قبل فوات الأوان أن طريق الحب ليس مفروشا بالورد، وأن الزهور المغمضة حين تتفتح في ضوء الشمس لأول مرة تسقط فوقها خراطيم النحل تمتص ورقها الناعم، فإذا ما استسلمت الزهور انسحقت، وإذا قاومت واستبدلت الورق الناعم بشوك نافر مدبب، استطاعت أن تحيا وسط النحل الجائع.
نوال السعداوي
مارس 1975
امرأتان في امرأة
كان اليوم هو الرابع، وكان الشهر هو سبتمبر، وكانت تضع قدمها اليمنى على حافة المنضدة الرخامية، وقدمها اليسرى فوق الأرض. وقفة لا تليق على الإطلاق مع كونها امرأة، «لم تكن امرأة بعد في نظر المجتمع»، كانت لا تزال فتاة في الثامنة عشرة. ولم تكن ملابس الفتيات في ذلك الوقت تسمح لهن بأن يقفن هذه الوقفة. كن يرتدين شيئا اسمه «الجيب» يلتف حول الفخذين بشدة ويضيق عند الركبتين، فإذا بالساقين ملتصقتان دائما، أثناء الجلوس وأثناء الوقوف، بل وأثناء السير، لم تكن الساقان تنفصلان أبدا في حركة الخطوات المألوفة للآدميين، وإنما هي حركة دورية غريبة، تنتقل بها قدما الفتاة فوق الأرض وتظل ساقاها ملتصقتين وركبتاها ملتحمتين كأنما تضغط بين فخذيها على شيء تخشى سقوطه.
كانت «رغم كونها فتاة» تندهش، وتود أن تعرف هذا الشيء الذي يمكن أن يسقط من أي فتاة في اللحظة التي تتباعد فيها ساقاها. وباستطلاع طبيعي كانت عيناها دائما تبحثان، وتراقبان تلك الحركة الدودية التي تسير بها الفتيات.
لم يكن مظهرها يختلف كثيرا عن هؤلاء الفتيات، سوى أنها كانت ترتدي البنطلون، وساقاها كانتا طويلتين، عظامهما مستقيمة، وعضلاتهما قوية، تستطيع أن تدب على الأرض وهي تمشي ، وتحرك ساقيها بحرية، وتفصل بينهما بثقة.
دائما كانت تجد نفسها بين البنات، في مدارس البنات، وفي فصول البنات، واسمها في كشوف البنات، بهية شاهين، التاء مربوطة مضافة إلى اسمها، تربطها بقوائم البنات كاللجام الجلدي.
Page inconnue