Femme de Kambu Kdis
امرأة من كمبو كديس
Genres
كالعادة آخر من ركب هو أنا، تحركت الشاحنة المجروس تاركة الرجل للشمس: جحيم فوقه، جحيم تحته، وسرنا لمسافة مائة متر فقط، توقفت العربة وعندها قفزت على الأرض في وضع الحماية وسألت: توقفت العربة من تلقاء نفسها؟
أجاب السائق.
وقدر ما حاول السائق إشعال المحرك إلا أن محاولاته كلها فشلت، فنطاس الوقود ملآن، البطارية مشحونة، الأسلاك جيدة التوصيل ناقلات الوقود والحركة فاعلة، لا شيء، لا شيء على الإطلاق، وبينما السائق يحاول مرة أخرى إشعال المحرك إذا بالرجل الشيخ قريب منا قائلا: تشيلوني معاكم؟ - ابعد من هنا، وإلا أمرت العسكري يديك طلقة في صلعتك دي.
ذهب الرجل دون أن يقول شيئا وتحركت العربة لمسافة مائة متر أخرى ثم توقفت من تلقاء نفسها، وبينما يحاول السائق إشعال المحرك إذا بالشيخ: تشيلوني معاكم؟
فانتهره الملازم حديث التخرج المتغطرس، الذي يظن أنه ما خلق الله العالم إلا ليكون مسرحا لخيلائه. - امش يا زول!
ثم خاطبني الملازم حديث التخرج المتغطرس قائلا: إذا اقترب هذا الرجل منا مرة أخرى أطلق عليه النار.
فاقترحت على الملازم حديث التخرج المتغطرس اقتراحا دعمه السائق، قائلا: ليه ما نشيلو معانا ما ح يكلفنا حاجة. - أنا المسئول وأنا اليشاء! أنتو شنو غير عساكر حاجات لتنفيذ الأوامر.
لا أدري كيف أحسست بأن الشخص هو الذي بقوة خفية كان يوقف العربة ثم يطلقها، وأن له كلمة قوية على الأشياء وأنه يستطيع، وأنه يفعل وأنه يريد، لكن كيف أجعل الملازم حديث التخرج المستبد يفهم، ولو أن السائق قد فهم ويبدو ذلك من تقعر عينيه كلما توقفت العربة. سمعت كثيرا عن الأولياء والصالحين، قرأت طبقات ود ضيف الله، لكن كان ذلك لمجرد قراءة كتاب مهم لرجل جامعي مثلي، يجب أن يعرف الكثير عن السلطنة الزرقاء وبنيتها الروحية، كنت أفكر: لن أؤمن بهذه الخرافات إلا إذا رأيت معجزة ما بعيني.
ثم تطورت الفكرة في ذهني، لماذا لم أتمكن من معرفة حقيقة هذا الرجل؟ لماذا لم أقنع الملازم حديث التخرج المتغطرس، إنها فرصة وضاعت، إنه طريقي لكي اعتزل حياة المادة بكل ضغوطها ومآسيها وأعيش نقيا شفافا زاهدا، متجولا في الأرض أنشر المعجزات هنا وهناك. إنه يقودني إلى النقاء الإنساني الروحي، الذي هو حلم كل شخص، أن أمتلك المقدرة على التواجد أينما شئت! أصبح صاحب سلطة على كل شيء حتى على الآلة، ولكن في العودة قد نجده على الطريق، عندها لن أبرحه، إلا بعد أن أعرف كل كبيرة وصغيرة بعد أن أفض أسراره، ولو كلفني ذلك العمر كله.
بينما أنا في هذا إذا بنا نصل قرية سماورا، ذلك بعد مسيرة ساعة كاملة بالشاحنة المجروس، عبر الطريق الترابية الوعرة، قرية سماورا كغيرها من القرى الحدودية، خالية من السكان مسكونة بالذئاب والنسور والصبرات، كثير من الكلاب والقطط التي توحشت، هناك شخص واحد فقط يجلس تحت شجرة على جانب الطريق، عندما توقفت العربة قربه وجدناه هو ذاته الشيخ ذو الإبريق صاحب مخلاة الجلد، الحافي، ذو الوجه النظيف العرق، عندما شاهده الملازم حديث التخرج المتغطرس جحظت عيناه، جف ريقه، حاول أن يهبط إليه، ربما ليقبله في رجليه، ليرجوه أن يسامحه، دمعت عيناه، لكن فجأة أمسك به السائق في كتفه، همس في أذنه، فتصبب الملازم حديث التخرج المتغطرس عرقا غزيرا، أدار السائق المحرك بسرعة رهيبة.
Page inconnue