Femme de Kambu Kdis
امرأة من كمبو كديس
Genres
قل يا أستاذي: هل كان علي أن أحرمه من الجنة وأحرم نفسي!
تلميذك الزين
ملحوظة:
هذا الخطاب مثل الوثيقة الوحيدة التي قدم بواستطها العميد الزين طه للمحكمة الدولية في لاهاي؛ لمحاكمته كمجرم حرب.
امرأة من كمبو كديس
في صباح قائظ من يوم خريفي، بينما كنت أتسكع في شوارع المدينة - كعادتي منذ أن طردت من وظيفتي للصالح العام قبل سنتين - سمعت صراخ أطفال وما يشبه التهليل والتكبير، وأصوات نسوة تندفع إلي مع ريح السموم الصباحية، آتية من جهة تجمع سوق النوبة. كان نهيق حمير الأعراب القادمين من أطراف المدينة هو الصوت الوحيد المعتاد بين مظاهرة الأصوات تلك، هادئون كانوا دائما رواد سوق النوبة، يساومون في هدوء وخبث وحنكة، يشترون ويبيعون في صمت وكأنهم يؤدون صلاة خاصة، نعم قد يسمع نداء موسى السمح الجزار بين الفينة والأخرى، وقد تتشاجر بائعتان، وقد ... لكن تهليل وتكبير وصراخ أطفال! وكفرد أصيل في هذه المدينة أمتلك حسا تشكيكيا عميقا هتف في: إن هنالك شيئا ما في سوق النوبة.
وكما يتشمم كلب الصيد أثر الأرنب البري تشممت طريقي إلى المكان.
عزيزة - ابنة كلتوم بائعة العرقي، كنا نحن قطيع المثقفين نطلق عليها أخصائية العرقي - مرت أمام وجهي كالطلقة الطائشة وهي تحمل على كتفها أخاها الصغير منتصرا، غير عابئة بصرخاته المتقطعة المخنوقة، بلعابه اللزج والتي تثير الشفقة في قلب أقسى شرطي في العالم الثالث. كان أعجف صغيرا، له عينان مستديرتان لامعتان كعيني سحلية.
أعرفها جيدا وأعرف أيضا أنها عائدة من عند أمها كلتومة التي تبيع الكسرة نهارا بالسوق، فكان لزاما على عزيزة أن تحمل منتصرا الرضيع ثلاث مرات في اليوم إلى أمها بالسوق لكي ترضعه رضعة الصباح، رضعة النهار، ورضعة الغداء، وتحرص كلتومة أشد الحرص على ألا تفوت على ابنها الصغير رضعة واحدة حتى لا يمرض مرض الصعيد، ويموت؛ لأن منتصرا كان نزقا شقيا وهباشا، فما كانت كلتومة ترغب في إبقائه معها في السوق.
صرخت فيها: يا بت، يا عزيزة.
Page inconnue