أثر تعليل النص على دلالته
أثر تعليل النص على دلالته
Maison d'édition
دار المعالي
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩ م
Lieu d'édition
عمان
Genres
الخمر وكثيره، والعلة لا تقتضي شمول حكم التحريم لقليل النبيذ الذي لا يسكر، وذلك لأنها - وهي الإسكار - لا تتحقق فيه وإنما تقتضي فقط حرمة القدر المسكر نظرًا لتحققها فيه.
وعليه، فلو كان الحنفية يقولون بأن الحكم في الأصل - وهو الخمر - ثبت بالعلة لا بالنص كما هو شأن النبيذ لوجب أن يكون الحكم في الخمر والنبيذ كليهما واحدًا، وهو حرمة القدر المسكر فقط وحِلُّ القدر الذي لا يسكر، لكنهم لما قالوا بأن الحكم في الأصل يثبت بالنص وفي الفرع بالعلة فرقوا بين الأمرين؛ لأن مقتضى النص العموم، أما العلة فمقتضاها التخصيص بالمسكر فقط.
هذا - واللَّه أعلم - ما أراده الأبياري بذكره هذه الفائدة من فوائد الخلاف، وهي فائدة - كغيرها مما سبق ذكره - متوهمة وغير صحيحة، وذلك لوجهين:
الأول: هو أن الجمهور بما أنهم قالوا بأن الحكم يثبت في الأصل بالعلة لا بالنص بخلاف الحنفية فالواجب أن لا يحرم عندهم قليل الخمر الذي لا يسكر، وذلك لأن علة الإسكار - وهي ما ثبت بها حكم تحريم الخمر عندهم - غير متحققة فيه، وهذا ما لا تجدهم يذهبون إليه، فدل ذلك على أن مبنى الخلاف في هذه المسألة ليس هو ما ذُكر من الخلاف في ثبوت الحكم هل هو بالعلة أو النص كما هو مدّعى الأبياري، ويؤكد هذا أن هناك من الشافعية من يوافق الحنفية في أن الحكم يثبت في محله بالنص لا بالعلة (^١)، ومع ذلك فهم يحرّمون قليل النبيذ وكثيره بخلاف الحنفية.
_________
(^١) سبق قبل أوراق ذكر أن للشافعية وجهين في هذه المسألة.
1 / 53