L'Empire islamique et les lieux saints
الإمبراطورية الإسلامية والأماكن المقدسة
Genres
وزادهم اطمئنانا أن الدول الكبرى أخذت تعمل على تحديد التسليح، تريد الوصول إلى الحد الأدنى منه، فانعقدت المؤتمرات المتعاقبة، واتخذت فيها قرارات زادت الناس أمنا من الخوف، ومع أن موسوليني قام في إيطاليا منذ سنة 1933، فألغى النظام الديمقراطي وأقام النظام الفاشستي على أنقاضه، لم يدر بخاطر أحد يومئذ أن تهدد إيطاليا سلام العالم أو تخرج على ما تقرره عصبة الأمم.
فلما تولى هتلر أمر ألمانيا، وجعل يقوي فيها روح القومية الجرمانية، بدأت مخاوف بعض الساسة تثور، بينما بقي أكثرهم يرى فيه وفي عمله لرقي ألمانيا عنصرا من عناصر السلام. ولم تمض سنوات حتى بدأت ألمانيا تعلن عن حاجتها لمجال أوسع من حدودها التي رسمت في معاهدة فرساي، ثم بدأت تفكر في ضم الجنس الألماني في أوروبا تحت كنفها؛ فضمت إليها النمسا، ثم ضمت السوديت، ثم طالبت بدانزج وبالممر البولوني.
عند ذلك رأت إنجلترا أن الأمر لم يبق مقصورا على طلب ألمانيا لمجال حيوي يظهر فيه نشاطها، وأنها تريد التحكم في أوروبا للتحكم بعد ذلك في العالم، فكانت الحرب العالمية الثانية نتيجة لتطور الحوادث في أوروبا بين سنة 1935 وسنة 1939. (2) التفكير في منع الحرب
ومنذ بدأت الحرب الثانية عاد الناس يفكرون في الوسيلة لاتقاء الحرب، ولذلك كان التحرر من الخوف رابع المبادئ التي وقعها الرئيسان روزفلت وتشرشل في ميثاق الأطلنطي. والتفكير في اتقاء الحرب في المستقبل يشغل بال الناس جميعا إلى اليوم، ولذلك كثرت المؤلفات التي وضعت تصويرا لهذا التفكير كثرة تزيد على أضعاف مثلها في الحرب العالمية الأولى، وللناس عن التفكير في هذا الأمر أكبر العذر، فما تدمره الحرب من أموال وأرواح مزعج مروع، ولا يقاس الدمار الذي تم في حروب نابليون كلها بما وقع من الدمار في أي عام واحد من أعوام الحرب الأخيرة.
والعلم يكشف كل يوم عن جديد، هو في السلم نعمة وأداة رفه وخير، وهو في الحرب نقمة وأداة دمار وموت. فإذا اطرد تقدم العلم ووقعت حرب كبرى ثالثة فلن يقف تدميرها عند حد، ولن تودي بالحضارة الأوروبية أو بالحضارة الغربية وكفى، بل ستودي بكل ما في العالم من مظاهر التقدم وآثار الإنسانية، لا عجب وذلك هو الشأن أن يعظم التفكير في اتقاء الحرب في المستقبل.
وليس من غرضي أن أشير إلى ما أبدي من الآراء لضمان السلام في المستقبل، فالإشارة إلى هذه الآراء لا يكفيها مثل هذه الدراسة ولا تكفيها عدة دراسات. فهل تتفق مقررات الإسلام ومبدأ التحرر من الخوف اتفاقا يطوع للأمم الإسلامية أن تشترك في المجهودات التي تبذل في سبيل هذا الغرض من جانب الأمم التي تدين بغير الإسلام؟
وليس يكفي في الإجابة عن هذا السؤال أن أقول إن مقررات الإسلام لن تتنافى مع هذا المبدأ ولا تحول بين الدول الإسلامية والاشتراك في المجهود الذي يبذل لتحقيق هذا الغرض الإنساني العظيم، بل أقول في صراحة وقوة إن مقررات الدين الإسلامي تفرض على الدول الإسلامية الحريصة على حريتها وحرية الشعوب جميعا أن تشترك في كل مجهود يبذل في تحقيق هذه الغاية حماية لشعوب الأرض كلها من أن تكتوي بنار الحرب وأن تنزل بها ويلاتها كرة أخرى. (3) الإسلام دين سلام
فالإسلام دين سلام ودعوة للسلام، والقرآن صريح في إنكار حرب الاعتداء صراحته في الدعوة إلى الجهاد لدفع الاعتداء.
فإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فالإسلام صريح في وجوب دعوتهما إلى السلم، فإن فاءتا فبها، وإلا وجب مقاتلة الطائفة التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله، فإن فاءت وجب الإصلاح والصلح خير. فإذا أمكن اتقاء الاعتداء قبل وقوعه، وأمكن تنظيم هذا الاتقاء، كان واجبا أن تشارك الأمم الإسلامية فيه، وألا تتردد لحظة في النهوض بنصيبها العدل من أعبائه.
ولا يعترض على هذا بأن خطاب القرآن وجه فيه للمؤمنين، فللمسلمين صلات بسائر الأمم يجب أن تنظم، وقد عقدت معاهدات صلح كثيرة في العصور المختلفة بين الدول الإسلامية وغيرها من الدول، وفي بعض هذه المعاهدات أقرت بعض الدول الإسلامية امتيازات للأجانب الذين يعيشون في أرضها، مبالغة منها في إظهار محبتها للسلم وحرصها عليه.
Page inconnue