أأستطيع أن أدعها قبل أن أودعها، إن ساتني لما هاج سخطه على آلهتنا لم يسمها، انظر إليها أنت الذي تستطيع أن تراها، وتذكر كم من الدموع قد سكبتها على صورتها، إنها كانت منذ حلت دارنا كأنها بعض أسرتنا، فكم عيون لامعة بالآمال تعلقت بعينيها المطفأتين كعيني، إني أقدسها لا تقديس المعبودات وقد دالت دولتها، لكن أقدس فيها ذكرى الآلام التي رأتها والدموع التي تلقتها ... صدقت لا بد من تحطيمها، ولكن لأودعها (تخاطب التمثال)
إيزيس إنك لم تشفني، ولكني كنت أجد العزاء في قربك، وعجبا كيف كانت ترتفع لك الأصوات من أعماق القلوب، وأنت جماد لا يسمع ولا يعي؟ لقد عبدك الناس لا لحياة ذاتية فيك، ولكن لحياتك في قلوبهم، وهي بعض حياتهم، فإذا مت اليوم؛ فلأنهم سلبوا منك روحهم التي تعلقت بك، سأسلمك إليهم ليحطموك، فسلاما عليك بما منحتني من الصبر والسلوى، وسلاما عليك بما آتيتني من الآمال وإن خابت، وسلاما عليك بما خففت عن قلبي من الهموم والأحزان! (للرجال)
خذوها وحطموها إذا شئتم، ولكن بإشفاق. (يذهبون بالتمثال.)
ساتني (إلى يوما وقد بقيت بعد خروج القوم) :
انظري يا يوما، قد ماتت الآلهة وأنا حي أرزق، انظري إليهم، أتصدقينني الآن؟ (تنظر يوما إلى التماثيل المحطمة بحزن شديد، ثم تجهش بالبكاء أمام ساتني وهو مندهش.)
هوامش
الفصل الثالث
يمثل المرسح رحبة أمام دار صانع الفخار، على اليمين من وسط المرسح إلى أقصاه طولا وعرضا جدران دار مبنية باللبن، وفيها بابان أحدهما أصغر من الآخر، وعلى أحد الجدران وهو قصير أوان من طين معرضة للشمس لتجف، وعلى يسار المرسح جدار قصير يناله المتكئ، وفي صدر المرسح بين هذا الجدار والدار فرجة ينفذ منها إلى طريق يؤدي للنيل، ولا يرى المتفرج الطريق إنما يرى ماء النهر عن بعد وضفته الأخرى وعليها نخيل ومزارع، ومن وراء الدار يمينا، ووراء الجدار القصير يسارا نخل باسق، منظر الدار حقير والجو صاف وضوء النهار شديد.
الواقعة الأولى (كريبا - ساتني)
كريبا جالسة متربعة أمام رحاة من حجر صغير فوق حجر كبير تطحن عليها حبوبا من الذرة أمام باب الدار، وساتني جالس على حائط قصير يفكر.
Page inconnue