شيء بدون مشيئة الله فقد أخطأ، ومن قال: ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن: فقد أصاب. وكل ما تقدم فقد كان بمشيئة الله قطعا؛ فالله خلق السماوات بمشيئته قطعا، وأرسل محمدا بمشيئته قطعا، والإنسان الموجود خلْق الله بمشيئته قطعا؛ وإن شاء الله أن يغير المخلوق من حال إلى حال فهو قادر على ذلك، فما خلقه فقد كان بمشيئته قطعا، وإن شاء الله أن يغيره غيره بمشيئته قطعا؛ والله أعلم.
التحايل على القصاص والدية
(مسألة) في طائفة تسمى العشير قيس ويمن يكثر القتل بينهم ولا يبالون به، وإذا طلب منهم القاتل أحضروا شخصا غير القاتل يتفقون معه على أن يعترف بالقتل عند ولي الأمر، فإذا اعترف جهزوا إلى المتولي مَنْ يدعي أنه من قرابة المقتول ويقول: أنا قد أبرأت هذا القاتل مما استحقه عليه؛ ويجعلون ذلك ذريعة إلى سفك الدماء وإقامة الفتن، فإذا رأى ولي الأمر وضع دية المقتول الذي لا يعرف قاتله من الطوائف الذين أثبت أسماءهم في الديوان على جميع الطوائف منهم، هل له ذلك أم لا؟ أو رأى وضع ذلك على أهل محلة القاتل كما نقل بعض الأئمة ﵃؟ أو رأى تعزير هؤلاء العشير عند إظهارهم الفتن وسفك الدماء والعناد بوضع مال عليهم يؤخذ منهم ليكف نفوسهم العادية عن ذلك كله، فهل ذلك صحيح أم لا؟ وهل يثاب على ذلك؟ أفتونا مأجورين.
(فأجاب) الحنفي عن هذا السؤال بانقسامه على أهل المحلة التي وجد فيها قتيل لم يعرف قاتله، ووضع الدية عليهم دون التعزير بأخذ الأموال.
(وأجاب الشيخ) -أيده الله-: الحمد لله، إذا عرف القاتل فلا توضع الدية على أهل مكان المقتول باتفاق الأئمة، وإذا لم يعرف قاتله لا ببينة ولا إقرار ففي مثل هذا تُشرع القسامة، فإذا كان هناك لوث حلف المدعون
1 / 51