La Foi
الإيمان
Chercheur
محمد ناصر الدين الألباني
Maison d'édition
المكتب الإسلامي،عمان
Numéro d'édition
الخامسة
Année de publication
١٤١٦هـ/١٩٩٦م
Lieu d'édition
الأردن
اللهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ﴾ [النساء: ١٥٥]، وقال في الآية الأخرى: ﴿وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَل لَّعَنَهُمُ اللَّه بِكُفْرِهِمْ﴾ [البقرة: ٨٨] . و[الغلف] جمع أغلف، وهو ذو الغلاف الذي في غلاف مثل الأقلف، كأنهم جعلوا المانع خلقة، أي خلقت القلوب وعليها أغطية، فقال الله تعالى: ﴿بَل لَّعَنَهُمُ اللَّه بِكُفْرِهِمْ﴾ و﴿طَبَعَ اللهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلًا﴾، وقال تعالى: ﴿وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِندِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ﴾ [محمد: ١٦] .
وكذلك قالوا: ﴿يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِّمَّا تَقُولُ﴾ [هود: ٩١]، قال: ﴿وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَّأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ﴾ [الأنفال: ٢٣] أي: لأفهمهم ما سمعوه، ثم قال: ولو أفهمهم مع هذه الحال التي هم عليها، ﴿لَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ﴾ [الأنفال: ٢٣]، فقد فسدت فطرتهم فلم يفهموا، ولو فهموا لم يعملوا، فنفى عنهم صحة القوة العلمية، وصحة القوة العملية، وقال: ﴿أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا﴾ [الفرقان: ٤٤]، وقال: ﴿وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ﴾ [الأعراف: ١٧٩]، وقال: ﴿وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاء وَنِدَاء صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ﴾ [البقرة: ١٧١]، وقال عن المنافقين: ﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ﴾ [البقرة: ١٨] .
ومن الناس من يقول: لما لم ينتفعوا بالسمع والبصر والنطق، جعلوا صمًا بكمًا عميًا؛ أو لما أعرضوا عن السمع والبصر والنطق، صاروا كالصُّمِّ العُْمي البُكْم، وليس كذلك، بل نفس قلوبهم عميت وصمت وبكمت، كما قال الله تعالى: ﴿فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾ [الحج: ٤٦]، والقلب هو الملك، والأعضاء جنوده، وإذا صلح صلح سائر الجسد، وإذا فسد فسد سائر الجسد، فيبقى يسمع بالأذن الصوت كما تسمع البهائم، والمعنى: لا يفقهه، وإن فقه بعض الفقه لم يفقه فقهًا تامًا، فإن الفقه التام يستلزم تأثيره في القلب محبة المحبوب، وبغض المكروه، فمتى لم يحصل هذا لم يكن التصور التام حاصلًا فجاز نفيه؛ لأن ما لم يتم ينفى، كقوله للذي أساء في صلاته: " صَلِّ فإنك لم تُصَلّ "، فنفى الإيمان حيث نفى من هذا الباب.
1 / 25